تجميع لمقالات حواديت جدو علي جزء1

 


ali sho ali

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

اهداااااء

الي نفسي .. انتي فقط

انتي التي حفزتني الي كتابة تلك المقالات والوصايا الي الغير، انتي من حفزتني الي ان تلك المقالات ربما كانت وصيتي الي العالم من حولي وكانني اقول له "هذه نصيحتي وانا براء مما تفعل بنفسك" ، انتي من حفزتيني الي الكتابة واحساسي القوي يراودني بان من سيقرأ هذا الكلام سيجده ترديداً لكلام سابق وربما سيجده سطحي التفكير طفولي العرض، ومع ذلك تملكت الشجاعة لكتابته غير عابئ برد فعل الغير او رأيه او حتي انتبه لنقده، لست مجبراً ان اوضح لغيرك انني لست عالما مخضرما لكي اكون محنكا فيما اطرح بل انا مذكر ومنبه فيما اسرد واقول، لست مجبرا أن ابرر ما اقول او ارد علي ناقد، فانا اطرح وجهة نظري ونصيحتي ورايي ولكل ما عداكي ان ياخذ بها او يطرحها بحراً، لست اتوقع من الاغلبية فهمها او تقبلها ولكنها طوق اعلقه في رقبتهم وهم غافلون.

نفسي المظلومة

لست كاتبا محنكا ولا اديبا جيدا وربما لا املك اغلب ادوات الكتابة والنظم التي تؤهلني لذلك، لكنني احمل افكارا واريد تدوينها ثم توصيلها الي من يفهمها وليس سواه، لست طالب شهرة او مال (وان كنت لا ارفضهما – فليأتوا وسيروا مني احسن استقبال) بل اسعي ان يصل صوتي الي اكبر عدد فيطوقون بنصائحي لتكون عليهم حجة يوم يلقون ربهم، ولا اشعر باني قصرت بالنصيحة تجاه غيري او ضننت بها علي احد.

نفسي الكريمة

برغم يقيني ان النفس البشرية عامة امارة بالسوء وربما كانت من اعوان الشيطان اللعين، لكني اعلم انكي تختلفين قليلاً، انتي متسامحة تحبين الغير وربما تؤثرينهم علي نفسك حين تشعرين انهم احوج الي الامر منك، تسامحين مهما بلغت الاساءة ضدك برغم اشتراطك علي انني يمكنني وقتها رد الصاع صاعين وبالتالي تسامحين من منطق قوة وبكل سهولة واريحية مهما بلغ حجم الجرم ضدك، اعلم انكي تملكين من مفاتيح القوة ما يمنحك المناورة والقدرة بعون خالقك علي التصدي لأي قوة، ولم تبخلي بها بالنصح للغير وجعلتيني اذكرها في احد مقالاتي، ومع ذلك قتلتي روح الانتقام بداخلك وتحتسبين كل ما يصدر بحقك عند رب العباد يبدلك به خير لا ان ينتقم لكي ممن ظلمك، حقا ما اكرمك!

نفسي العظيمة

ولن تعظمي علي من خلقك واودع فيكي من صفات النبل ما اودع، شكرا لكونك قتلتي في نفسك الكبر والغرور وهو ما جعل النفس البشرية عامة تلحق بلقب "بنت الشيطان" لكنك انصفتيني وميزتيني بيني وبين نفسي وجعلتيني احترمك واحترم نفسي بخاصة حين اجد من حولي نماذج مغايرة، فكما احمد الله علي نعمة الاسلام احمده ايضا علي علاج نفسي من ذلك الدنس وغيره، شكرا لكي علي قناعتك ورضاكي عن حالك وعن ربك خالقك، شكرا لكي علي انك "لم تمدي عينيكي الي ما يتمتع به غيرك" فارحتيني من عناء الحسد وربما يتبعه بغض الغير، شكرا لكي علي مزجك الرضا بالمقسوم والمتاح وبين الطموح لما هو افضل فجعلتيني في مزيج جميل بين القناعة والطموح احمد الله فيه جل وعلا علي تهذيبه لكي ولا ارد الفضل الا اليه ورحمته بي واحسانه الي، شكرا لكي علي رضاك الذاتي علي نفسك واشعاري بذلك مما عصمني من الاحساس باي حرمان "اللهم الا باوقات الضعف التي مررتي بها وبالتالي اوقعتني انا بالتبعية في المحظور واشكرك علي قلتها".

نفسي الطيبة القوية

شكرا لكي علي ذلك الحب الجارف الذي يملأك تجاه كل من حولك والعالم اجمع فلم تتركي في قلبي مكانا للكره او الحقد او البغضاء "اذا استثنينا الاحتقار وعدم الاحترام من ذلك الامر"، شكرا علي اصرارك علي انك قوية للغاية ولو لم تكوني كذلك، فغطي ذلك علي شعوري باي عجز يمكن ان يعتريني وارضي غروري بكل نواقصي التي اعلمها واستشعرها واتفهمها تماما وجعلني ذلك بعيدا عن الشعور باي حرمان وشاعر بل وموقن بافضال ونعم الله علي بعكس بعض من هم في نفس ظروفي،

نفسي.. شكرا لكي، وتقبلي اهدائي

 

 

 

 

 

الحدوتة الاولي .. حدوتة اسمها الاسلام  

- بدأت الحدوتة بخلق آدم عليه السلام وتلاها ما تلاها من أحداث فتنته علي يد ابليس اللعين ، ولكننا سنقفز الي ما بعد نزول آدم الي الأرض لتبدأ ملحمة الصراع بينه وذريته وبين ابليس وما يحتنكه من اتباع سواء من ولد آدم أو من غيرهم .

- أنزل الله آدم الي الأرض برسالة محددة وهي ( توحيد العبودية والخضوع لله ) بكل ما تعنيه الكلمات من معاني ودلالات ، وأعان الله آدم علي تلك الأمانة التي تحملها بأن كلفه بعمارة الأرض وفق إطار تلك الرسالة ، فكان علي ابليس اللعين عهداَ أن يفسد علي عدوه ومنافسه آدم انفاذ أمانته وتكليفه التي وكله الله بها متحديا الله عز وجل ، وليثبت – لعنه الله- أحقيته بالفضل الذي حبا به الله ادم وجعل جميع الملائكة يسجدون له دون ابليس وهو طاووسهم وقائدهم والمقدم عليهم ، ونوع اللعين مظاهر ذلك الافساد ما بين افساد عقدي وروحي الي افساد الحياة والعيش علي عدوه وذريته الي افساد البيئة التي يحيا فيها ...الخ تلك المظاهر .

- سقط الانسان في الغواية ثانية وثالثة وعاشرة كما سقط جده الأول من قبل بما جبل عليه من النسيان واستسهال العمل وعدم التروي والتمعن فيما يفعل ، وضل عن هدفه الأساسي من إقامة حياة التوحيد في مسكن الاختبار الذي انزله الله إياه تجهيزا واستعدادا للانتقال الي دار القرار حيث جنان ابدية لمن اطاعه وسار علي هديه وادي امانته ، او جحيما أبديا لمن عصاه وافسد عقيدته وضيع امانته ، فكانت رحمة الله بعباده تتبدي في ارسال من يكلفه بذلك من ولد آدم ليعيد اهله الي جادة الصواب وطريق الحق والتوحيد ، كلهم بنفس الرسالة وان اختلفت الاشكال وفقا للمعطيات والظروف المحيطة بكل رسول ، ولكن مضمون الرسالة واحد ؛ توحيد الله والاستعانة علي انفاذ ذلك التوحيد بعمارة الأرض بما يتوافق مع ذلك التوحيد من إقامة حياة هادئة وسعيدة لكل الخلق وعدم افساد النواميس التي وضعها الله في كونه .

- يمكننا تشبيه الامر (ولله المثل الأعلى) بإصدارات متعددة أو طبعات متعددة لمتن واحد ثابت لا يتغير، وفي كل مرة يعمل اللعين بكل ما اوتي من طاقة وقوة وحيله حباه الله بها خالقه جل وعلا الي افساد ذلك الإصدار وتحريفه عن مواضعه، مستغلا جهل بن آدم ونسيانه ؛ نسيانه لعدوه الحقيقي الأزلي ، ونسيانه للأمانة التي تحملها عن طوع ، ونسيانه للجزاء الذي سيلقاه في دار المستقر (نعيم ابدي / عذاب ابدي) .

- وتتوالي رحمات الرحيم تترا تتبعها زلات عباده ضاربين بتلك الرحمات عرض الحائط الا من رحم الله وعصم ، ويستمر كيد اللعين وغيه في تحديه لخالقه واستغبائه لعدوه مستغلا نقاط ضعفه ونسيانه ، فجاءت الرحمة الكبرى من الرحمن الوهاب في صورة اصدار محفوظ في لوح تعهد جل وعلا بحفظه من التحريف والتبديل ، اصدار محكم التنزيل متكامل الأركان يطرق كل الجوانب التي يمكن ان يتطرق اليها عباده مهما قل شأنها ، دستور مقروء محفوظ مفهوم متطور متناسب مع كل المعطيات أيا كانت او تبدت ، يتمثل في القرآن الكريم ؛ آخر إصدارات المتن التوحيدي لشريعة الله جل وعلا والذي بعث به آخر رسله الي اهل الأرض كافة بثقليها المكلفين بالأمانة والمعنيين بالحساب "" محمد صلي الله عليه وسلم "" ، وذلك كحجة عليهم لكي لا تكون لهم علي الله حجة بعد ذلك ولينل المحسن جزاؤه وليلق المفسد والمنحرف جزاؤه صحبة حليفه وعدوه في ذات الآن ؛ ابليس اللعين عليه من الله ما يستحق ونتمنى له المزيد .

- من الطرح المختصر السابق تتضح لنا عدة نقاط نوجزها فيما يلي :

أولا .. الإصدار الإسلامي هو صورة منقحة متكاملة لمتن الشريعة التوحيدية الإلهية ، لم يبتدع عليها بل بلورها في برنامج متكامل لإصلاح أحوال اهل الأرض ككل وليس بني آدم وحدهم ، وعلي ذلك فهو يكمل الإصدارات التي سبقته ولا يعارضها ، ويصلح ما اعتراها من عوار ولا يفسدها ، ولنعلم ان قصر تسمية الإسلام علي الإصدار المحمدي فيه تموقع للتسمية والشعار ؛ فالإسلام لفظا تعني التسليم لتعليمات الله واوامره من جهة والبعد عن نواهيه من جهة أخرى ، وفي كل يختار جل وعلا الخير لعباده ويجنبهم ما يشقيهم .

وهذا اللفظ ينسحب علي كافة الإصدارات التوحيدية وليس آخرها فحسب ، وافقني علي ذلك من وافقني وليعارضني من يعارض دون ان ادخل في جدال معه ، وليعتبرها قناعة مني له ان يأخذ بها او يتركها أو يناقشها مع من هم اعلم مني بذلك .

ثانياً .. الرسالة التوحيدية لا يقتصر الامر فيها علي اتباعها والالتزام بها فحسب ، بل مأمور اتباعها بأمر مباشر من الراسل جل وعلا بنشرها بين كل ربوع الكون ( وليس الأرض وحدها ان استطاعوا الي ذلك سبيلا ) بكل ما اوتو من عزم وإمكانات ، سعيا لإنقاذ البشرية من الهلاك وغضب الجبار الأعظم ، وليس فرضا لأيديولوجية أو فكر معين علي ما عداهم ، بل هي رسالة حب من اتباعها لأهل الأرض يبغون بها انقاذهم مما هم فيه من انحراف وضلال ، وعليه ؛ فلا يجب ان تنحرف تلك الرسالة عن مسارها وأهدافها النبيلة الي ما يعرف بـ ( الإرهاب او التطرف ) ؛ فلا اجبار ولا اكراه ولكن تبليغ وايضاح ثم الدفاع عن حرية الاعتقاد بكل ما اوتي المسلم من قوة وعزم .

كما يجب ان يعلم ذلك أيضا المرسل اليهم تلك الرسالة أو المعنيين بها ؛ وبالتالي يتفهمون مغزاها ويتفهمون سعي المسلمين لنشرها بأنهم مأمورون بذلك دون الزام لهم بالاعتناق ، وان كان عليهم تحمل نتائج الرفض وحدهم – شأنهم وخالقهم ، وأن المسلمين برآء من ذنبهم ، وليتفهموا أيضا تفاني المسلمين في الدفاع عن تلك الرسالة وتأديتها بأغلى ما يملكون ، والدفاع عمن يعتنقها بأغلي ما يملكون أيضا من جهتين ؛

الاولي رباط الاخوة المتكاملة التي ربطهم بها الإسلام والتي جعلها متقدمة بكل الاشكال عن أي رباط آخر فتجعلهم قلبا واحدا في أجساد متعددة ، ومن جهة ثانية حرية الفكر والاعتقاد التي يتشدق بها أهل الأرض جميعاَ ثم يضنون بأبسط صورها علي كل ما هو مسلم !

ثالثا .. الإسلام المحمدي أو في صورته الأخيرة المنزلة علي سيد الأنام ( شاء من شاء وجحد من جحد – صلي الله عليه وسلم ) هو برنامج إصلاحي شامل ومتكامل الأركان ؛ فلا ينبغي لمن يريد ان يستفيد منه بان يجزئه بالأخذ ببعضه وترك الآخر ، ولا ان يعدل فيه ، فهو من لدن حكيم خبير لا يعدله عقل ولا تدبير جل وعلا ، بل علي من يلتزم به أن يطبقه كاملا مرتبا حسب تعليمات الخالق جل وعلا حتي يجد النتائج المرجوة التي بشرنا بها عز وجل ؛ فلا يعطل منه مثلا الجزء السياسي كما ينادي البعض ، مطالبين بالاكتفاء بالجانب الروحي او الأخلاقي أو الفكري أو حتي كلهم جميعا ويستثني منه الجانب السياسي او الاقتصادي او الفكري ، فكما ذكرنا انه برنامج متكامل الأركان يسند ويكمل بعضها البعض في منظومة اعجازية تدل علي عظمة وتدبير من ابدعه ، ان كان المرجو حقا هو الإصلاح وليس إقامة اسلام شكلي تتجلي مظاهره في قشور لا تعبر عن جوهره الثمين ولا فوائده التي لا تنتهي ، ليس من مصلحة اهل الأرض جميعا تعطيل هذا البرنامج أو اضعاف دوره ان كانت لديهم النية حقا للعيش في سعادة وراحة ورغد عيش .

ومن جانب آخر لا يجب ابدا ان نطلب من اتباعه المسلمين (او كما يحلو لي تسميتهم بالمحمديين) ان يفعلوا ذلك بالأخذ ببعضه والتخلي عن البعض الاخر اعمالا بالمبدأ الإنساني (حرية الفكر والاعتقاد) وهو حق اصيل لهم مثل غيرهم من أبناء البشر، لا يجب ان يحرموا من هذا الحق كما يحدث معهم حاليا، وصدقا احذر من محاولة ذلك تجنبا لغضبة وهبة لن يقف في وجهها أي قوة في الأرض، ووقتها ستنعتونهم كالعادة بالتطرف والإرهاب والجمود والرجعية .... الخ تلك التسميات والمفاهيم التي حتي الان لا تتفقون علي تعريفات محددة لها، بل تفسرونها وتجسمونها علي من تريدون وفق اهوائكم ومصالحكم لا وفق موازين العدالة والانصاف .

لتعلموا ان أصحاب هذه الرسالة واتباعها قد ارتضوها لهم دستورا ومنهاجا وجاهزون للزود عنها بأغلى ما يملكون وهم في قمة السعادة والبذل، لأنهم يرون فيها طريقهم للنجاة والراحة الأبدية، فلا تثيروا البركان ثم تشكون لظاه .

رابعاَ .. من هذا المنطلق وبناء علي ما سبق أرسل بعض الرسائل القصيرة في صورة كبسولات كما يلي :

الكبسولة الاولي – الي اخوتي عموم المسلمين

اعلم ان الرباط الذي ربطنا به الإسلام هو اقوي واولي رباط يمكن ان يربطني بأحد من بني آدم ، ولكن لتعلموا ان شرط هذا الرباط عندي لا يكتمل الا علي المسلم الكامل الإسلام ؛ الذي يسلم المسلمون من لسانه ويده ، والملتزم بشرع الله تعالي والمبتعد عما نهي عنه ، الذي يستحق بذلك ان اعامله كما امرني ربي بالحب والايثار والزود عنه والتضحية من اجله ... الخ تعليمات المولي لي بشأنه ، اما من ينتقص من تلك الصفات شيئا ( وان كنت لا املك حق ادعاء خروجه من الملة والدين ) فلا يستحق مني تلك المعاملة حتي يكون مسلما تام الإسلام ، وان كان لا يحرم مني حقه في دفاعي عنه ومد يد العون له وقت حاجته وبره ما استطعت الي ذلك سبيلا ، ودون أن اؤثره علي نفسي !

الكبسولة الثانية – إلي الاخوة الشيعة

نعم اخوتي الشيعة بحكم إقراركم بلا اله الا الله وان سيدنا محمد رسول الله ، اقر واؤمن بانحراف عقيدتكم وافسقكم ، لكني لا اكفركم وان اختلف معي البعض في هذا ، لكني لا املك هذا الحق واترك امره لعلم الله بكم ، وهذا لا يحرمكم في حقكم كأخوة مني وممن يقتنع برايي ، بالزود عنكم ومساندتكم والا اوالي عليكم ولا اشهر في وجهكم السلاح " الا " وقوفا بجانب مظلوم اعتديتم عليه وان كان غير مسلم ، او في عدوانكم علي مسلمين تامي الإسلام ، عودوا الي رشدكم وغربلوا افكاركم المنحرفة وليكن منهاجكم السعي الي الحقيقة لعل الله يرحمكم ويهديكم سبيل الرشاد ، كفاكم انسياقا لكهنتكم ولتعلموا ان الله لم يجعل بينه وبين عباده حجابا ، فكيف ترضون بهم سدنة قوامين علي عقولكم وعلي عقيدتكم يخربونها ويفعلون بها فعل النصارى واليهود بعقائدهم !

ليعلم من لا يعلم منكم اننا نجل سادتنا اهل البيت اجلالا لحبيبنا رسول الله (ص) ولكن لا نغالي فيهم مغالاتكم ، فكلنا يعلم ان منهم من شرب الخمر ومنهم من فسق ، انما نسبهم الي رسول الله (ص) مسئولية وتكريم ؛ فان اسقط المرؤ منهم مسئوليته سقط عنه التكريم بالتبعية ولن يشفع له ما خطه من نسب الي الرسول (ص).

ولنتذكر جميعا ان النبوة اختتمت به (ص) ولم تورث من بعده في أي صورة ، ولا حتي صورة (الولايه) التي ابتدعتموها ضمن ما ابتدعتم ، والحديث سيطول جدا في ذكر فساد اعتقادكم ، وليس هنا مجاله ولا انا مؤهل لجرحه والتعديل عليه .

الكبسولة الثالثة – الي الاخوة المسيحيين

ونعم لمرة اخري ، اعني ما أقول بـ ""الاخوة المسيحيين"" ؛ فانتم أقرب الناس الينا مودة ورحمة واعتقادا واخلاقا ، بل ان الايمان بعقيدتكم السليمة جزء لا يتجزأ من ايماني ، لولا التخريب والتحريف الذي شاب عقيدتكم (ولو انه محدود لكنه فيصلي ؛ لأنه يمس صلب العقيدة التوحيدية) لأسميتكم المسلمون الأوائل ، ولكني ادعوا الله لكم بالهداية والفلاح والنجاة من عذاب الآخرة ، حبا ورحمة ورغبة في الا تكونوا وقود النار .

لتعلموا اخوتنا انكم لستم ملزمين منا باتباع الإصدار المحمدي لعقيدة التوحيد ، وان كنتم من أوائل المعنيين بمن نبلغهم إياها ، بل والالحاح في ذلك الإبلاغ حبا لكم واملا في الا تكونوا من حطب جـهنم ( من وجهة نظرنا علي الأقل ) لكنكم أحرارا فيما تتبعون وحسابكم علي رب الكون .

وليكن معلوما لديكم ان اشكاليتنا ليست معكم انما مع كهنتكم وبالتحديد العالمين منهم بالحق وببواطن الأمور ( ولتسالوهم ماذا تحوي المكتبات المسيحية الكبيرة ومن اكبر امثلتها مكتبة الفاتيكان ) ولكنهم يكتمون الحق لشيء في الصدور، هم أيضا غير ملزمين منا بالاتباع والاقتناع لكنهم سيكونون هدفا لحربنا حين لا يكفون عن الكيد لهذا الدين وتشويهه بالباطل بدلا من ترك العباد يقيمون الصالح لهم بكل حيادية وشفافية ، فارق كبير اخوتي بين ان تنقد وتحلل وتبين للناس ما يخفي عليهم من أمور وبين التدليس والتشويه وقلب الحقائق والكذب والخداع لأغراض خبيثة تخبئها النفوس الحاقدة المريضة والتي تؤوي أطماع فاسدة وشرهة !

اننا اخوتي نساق الي حرب قذرة ضارية كالخراف يهلك بعضنا بعضا ونحن اقرب ما نكون الي كل منا الاخر ، حرب تعد لها الصليبية العالمية (احد الوية الشر القابع في الظلام والذي يتجهز للخروج والتموقع علي كرسي سيادة العالم بالنظام العالمي الجديد ، بعد فناء اغلبه وانهيار كل قواه المنافسة ، فلا تنجرفوا وراء الشعارات الفاسدة ولا الاخبار الكاذبة  ( وما احداث الحادي عشر من سبتمبر منا ببعيدة) واسمعوا لصوت العقل الذي ينير لكم ما غمض عليكم من حكماء المسلمين ، دون ان تلتفتوا الي كل ناعق يتحدث باسم الإسلام ( مما لا يعيه ولا يفهمه هو شخصيا! ) بان الدين جاء لقطع الرقاب واجبار العباد !!!

الكبسولة الرابعة – الي اهل السنة والجماعة

يا من انيط بهم عبء الدفاع عن الشريعة وحراسها، ثم يكونوا اول المعنيين ( ان لم يكونوا وحدهم !) حين ينادي المنادي "حي علي الجهاد"، أو حين يدعوا داعي الي خير قل أو كثر، يا من حملتم أمانة التبليغ والدعوة فأضحيتم رسل رسول الله الي اصقاع العالم كافة .

لستم خير امة أخرجت للناس !!

أين سنة رسول الله التي تتشدقون بالانتساب اليها ؟ وأين جهادكم في أداء امانته التي طوقكم بها بتبليغ دعوة الله الي كافة خلقه ؟ أعجبني تعبير جيد لأسد الدعوة الشيخ / احمد ديدات رحمه الله ( من لا يعرفه فليبحث عن معلومات عنه ) حين ذكر ما معناه "صدعنا راسه بكلمة دعوة دون فعل لها حتي افرغناها من مضمونها واضحت تقليد شكلي علي المنابر وفي المناسبات " بالمناسبة هو كان يوجه حديثه الينا نحن المصريين ولكنه عني بالحديث عموم اهل السنة والجماعة .

أنت أيها الداعية دعوة حية متجسدة في شخصك ، في سلوكياتك وفي حياتك الشخصية والعامة وفي حديثك مع أي ممن يحيط بك سواء في بيتك او عملك او اسفارك او راحتك او مرحك ، مهما كانت أعمارهم وثقافاتهم وعقلياتهم وسلوكيات تعاملهم معك ، لتجعل شعار "حياتي كلها لله" مفعل في حياتك غير منقوص ، فلا تنقضي لحظة منها حتي تبلغ الحدر والمدر وسائر من يعقل من مخلوقات بما حملت به من امانة الدعوة ، وتكون مثالا حيا وفعالا لما تقول ، فلا تقول ما لا تفعل !

الحديث معك عما يجب فعله يطول يا من تتشدق بانتسابك لأهل السنة والجماعة ، ولكن عليك البدء من تلك اللحظة بان تكون داعية متكامل وفي كل لحظة قولا وعملا مع اخلاص النية لله عز وجل ، ولتعلم انك المعني الأول بحواديتي القادمة وبطلها الأساسي .

فاسمع واعتبر .. دمتم بخير .

الحدوتة الثانية .. الإسلام دين الإرهاب – لماذا ؟

يوصم الإسلام بالإرهاب والتطرف في هوجة عدائية غير عقلانية تجتاح العالم اجمع عبر ابواق إعلامية وسياسية تتحد في مصدرها الذي يغذيها وتتحد أيضا في الهدف من حيث تشويه صورة ومضمون دين سماوي حنيف يقر مبادئ العدل والسلام، واللذان َ يشكلان خطراَ فادحاَ علي مصالح تلك الابواق التي تقتات وتنمو علي إقامة العداء وزرع الفتن بين الشعوب والجماعات.

معلوم للجميع ان تعريف مصطلح الإرهاب او مفهوم الإرهاب غير متفق عليه او غير محدد حتي الان؛ حيث نجد كل طرف في أي صراع يعطي له تفسيرات ومعان تتفق مع مصالحه واهوائه او بما لا يتعارض مع أي منهما، مما جعل تعريفات ذلك المصطلح تتعدد وتختلف وتتناقض في كثير من الأحيان، ففي حين تعتبر ممارسات حركات التحرر الوطني حقاَ اصيلا للشعوب المقهورة والمحتلة يعدها خصومها إرهابا وتطرفاَ وتوضع في خانة الجماعات والمنظمات الإرهابية، وعلي الرغم من ان دفاع الفرد عن نفسه وممتلكاته وحريته حق مشروع بل وواجب مندوه يلام علي عدم فعله يعده البعض عنفاَ يجافي السلم العام وعملاَ من اعمال الإرهاب!

يمكننا القول - وفي رايي – ان الإرهاب هو محاولة الاستيلاء بالقوة من جهة فردا كانت او جماعة علي ممتلكات تخص جهة اخري فرداَ كانت او جماعة، بغض النظر عن احقية أيا منهما فيها، فذلك امر نسبي ويخضع للدراسة ويحل بالتفاوض، وعلي صاحب الحق أو المطالب به ان يستنفذ اولاَ كل السبل السلمية والتفاوضية للوصول الي الحقيقة واسترجاع الحقوق او حتي الي حلول متقاربة معها فهذا في رايي اسلم وافضل من الإصرار علي استعادة ما سلب حرفياَ دون مراعاة الابعاد المستحدثة واقعياَ سواء مادية او أدبية.

في ضوء ذلك التفسير لمصطلح الإرهاب نعيد طرح تساؤلنا السابق – هل الإسلام دين إرهاب؟

لنفهم اولاَ مبادئ الحرب في الإسلام.

اشعل المسلمين الحروب مع جيرانهم منذ بداية العهد الأول للإسلام رافعين راية التوحيد ومبدأ اخراج "العباد من عبادة العباد الي عبادة رب العباد"، ولنا ان نوضح هنا باختصار عدد من الإشكاليات المتعلقة بذلك الامر:

اولاَ.. لم يشعل المسلمون الحروب مع جيرانهم او يبادئوهم بها، بل كانت في بدايتها رد اعتداء او صد اعتداء من هؤلاء الجيران، ثم رفعت شعار تحرير تلك الشعوب من الاسترقاق الفكري والعقدي قبل الاسترقاق البدني والجسدي، فلم يكن شن تلك الحروب لتوسعات امبريالية؛ حيث كان يقر أهل تلك البلاد المفتوحة علي انظمتهم السياسية والاجتماعية مالم تمس المبادئ التي سعي الإسلام لإقرارها ونشرها؛ فلتلك الشعوب حرية الاعتقاد والفكر الخاص بهم مالم تمس حرية الاعتقاد لدي الاخرين، وعلي جانب آخر منع العمل بالانظمة والمعاملات الربوية لم لها من اخطار علي الاقتصاد وسرقة أموال الشعوب لصالح طغمة قليلة فاسدة، وهكذا.

ثانياَ.. متفق عليه كمبدأ في الحرب انه "يقسو علي نفسه كل من يرحم عدوه"، الا ان ذلك المبدأ معطل في الحروب الإسلامية؛ فمبدأ الرحمة والتسامح اصيل يطبقه المسلمون مع اعتي اعدائهم واشدهم قسوة عليهم ان جنح للسلم ولجأ اليه ولو ظاهرياَ، وفي الحرب لا يقاتل الا فئة المحاربين حاملي السلاح علانية في وجه المسلمين، ومع ذلك يتحلي المسلمون بصفات الرحمة والرفق حتي اثناء القتال؛ فلا يقاتل جريح ولا يهان اسير، ولا يذل مصالح او مستسلم بل يعامل بمنتهي الندية والمساواة مع غيره من المسلمين ويقر علي ما هو عليه من مال وسلطان ما لم ينكث العهد ويخونه.

ثالثاَ.. يقر الإسلام عدة مبادئ للحرب لا يجيز الحيد عنها تحت أي ظرف من الظروف والامثلة علي ذلك من التاريخ كثيرة، نذكر منها:

- لا تكون الحرب مشروعة في الإسلام الا ان كانت دفاعاَ عن حق او نصرة لمظلوم او صد اعتداء، ولم تشن ابداَ لنشر الدعوة، بل ان الأصل في نشر الدعوة هو السلم والقول الحسن، وانما يتم ذلك حين يتم عرقلة ذك النشر او مقاومته بالقوة واجبار الشعوب علي تركها.

- يتم طرح الحلول السلمية واللجوء اليها اولاَ بل والالحاح فيها ولا يتم اللجوء للقتال الا حين استنفاذها جميعاَ، بشرط الا تتعارض تلك الحلول مع مبدأ نشر الدعوة من جهة واعلاء مبدأ حرية الفكر والاعتقاد لدي الشعوب وتأمين ذلك.

- لا يتم التعرض باي اذي اثناء الحرب الا لمن حمل السلاح وأصر على القتال، ولا يتم التعرض للممتلكات أيا كانت ولمن كانت، بل وحتي يمنع تلويث البيئة او الاضرار بها او التعرض باذي لحيوان او نبات، بما لا نجده حتي اليوم في ارقي الليبراليات والديموقراطيات مدعية التحضر والمدنية والرقي.

- إشكالية فرض الجزية علي غير المسلمين تتمثل في اعتبارها مقابلاَ للمحاربين للدفاع عن غير المسلمين وهي في كل الأحوال ضئيلة للغاية ويعفي منها غير القادرين من الأطفال والشيوخ والنساء وسائر العاجزين عن الكسب، وربما يجدها غير المسلمين فرصة عظيمة لتنمية مواردهم ومدخراتهم طالما وجدوا من يدفع عنهم الاذي أينما كان وكيفما كان ووقتما كان.

والآن عزيزي القارئ اجب في نفسك عن السؤال؛ هل الإسلام دين إرهاب او حتي يرمي اليه بابسط الصور والاشكال؟

دعني اجيبك انا قارئي الكريم، نعم انه يوجد إرهاب في الإسلام!

لا تستغرب؛ فمبدأ الخنوع والسلمية المطلقة غير موجود فيه، بل السلام المنطلق من القوة التي تحميه بل وتفرضه علي كل جبروت غاشم، بقدر ما هو رحيم بخصومه وشريفاَ في حربهم واميناَ في عهوده معهم فهو شديد جداَ علي المحاربين والمصرين علي عداوته منهم، فلن يدير المسلم خده الآخر لمن يلطمه بل سيكيل له اللطم ان لم يتراجع عن غيه، بل ولن يعفو عنه الا ان ملك هو العفو من جهة واقر عدوه بذنبه وتاب عنه واناب، ولكي يتمكن من ذلك عليه دائما ان يأخذ باسباب القوة ويتذرع بها، ولكنها القوة التي تحمي الضعيف وتكسر المتجبر، القوة التي تقيه الظلم لا ان تعينه عليه، وبالتالي فهو يحض علي إرهاب العدو الظالم ليأمن الضعفاء والمظلومين شره، انه يمكننا اعتبار المسلمين بناء علي مبادئ عقيدتهم بمثابة الشرطي المتطوع لإقرار السلام والامن في ربوع الأرض.

إن مجرد عقد مقارنة بين آثار الحروب التي شنها المسلمون علي مدار تاريخهم وبين الاجرام الذي اقترفه اعدائهم من حيث الكيفية والنتائج وعلي مر التاريخ بدءاَ من الحروب الصليبية وموجات الغزو المغولي وانتهاء بالحروب الاستعمارية والابادات في العصور الحديثة والمتأخرة ستدلكم علي الإرهاب الحقيقي وستفضح ادعاءات من ينعت الإسلام بالإرهاب وستكشف دوافعه الحقيقية من وراء تلك الأكاذيب المضللة.

ولنجيبهم – أي إرهاب في الإسلام ؟!

 

 

الحدوتة الثالثة .. الإسلام السياسي ام السياسة في الإسلام ؟

يبدوا التعبيرين متقاربين في المعني، ولكن بقليل من التمعن نجد بينهما بوناَ عظيماَ واختلافاَ كبيرا، ادي ذلك الاختلاف وما تبعه من خلاف الي ظهور فرق عظيمة التأثير في المجتمع الإسلامي، خرجت من رداء السلفية (حراس السنة النبوية) لتفصلها جزئياَ عن الجسد الإسلامي باتباعها منهج عدم الاصطدام بالأنظمة الحاكمة (وان جلدت ظهورهم وسلبت أموالهم) بفصل السياسة عن الإسلام وجعل الدين الإسلامي كهنوت يتعبد به في المساجد والاضرحة بدون تطبيق عملي في المجتمع الا فيما لا يغضب ولي النعم!

لا شك لدي في وجود كثير من قيادات التيار او الفكر السلفي من الذين يرفضون هذا النهج ولا يتبعوه ويتبارون في قولة الحق عند السلطان الجائر "ولو بتصرف علي استحياء تجنباَ للأصطدام مع تلك الأنظمة واسداءاَ للنصح لها في ذات الامر، اما التيارات الأخرى فانها تمازج بين كل من الدين والسياسة بما يحقق مصلحة المجتمع وربما تتغاضي قليلاَ عن الجانب السياسي تبعاَ للضغوط والظروف من حولها مع تبيان الاحكام الفقهية المتعلقة بها ولا تعلقها او تخفيها، ولكن لا يخفي علينا ايضاَ وجود فصيل إسلامي يتخذ من الدين ستارا لتحقيق مآرب سياسية وربما يكون هدفه سياسيا بحتا وياتي الدين لديه في ذيل القائمة.

ان الدين الإسلامي او كما نسميه بالرسالة المحمدية (اخر رسائل الخالق جل وعلا الي اهل الأرض) له خصوصية عن سائر الديانات التي يتعبد بها البشر علي مر العصور؛ فنجد كهنوتاَ عظيماَ صافيا ومنهجاَ تنظيمياَ متكاملاَ، انه اشبه بنظام حياتي متكامل اودع فيه الحكيم العليم كل ما يصلح حياة البشر ويعالج كافة مشكلاتهم عظمت او قلت، يعالج كل الجوانب والاشكاليات المادية والروحية والنفسية سواء بسواء وبشكل فعال وناجح ينتج في النهاية مجتمعات مستقرة سعيدة بدون مشكلات تقريباَ. لقد صدق شيخ الازهر السابق الامام مصطفي المراغي حين قال "دلوني علي ما ينفع الناس آتيكم بدليله من القرآن والسنة".

وضمن ما يعالج الإسلام في المجتمع يأتي الجانب السياسي فيه من حيث تنظيم علاقة الحاكم بالمحكومين وتنظيم علاقات الافراد والجماعات بعضهم ببعض بما يحقق التكافل والعدالة بينهم ويزيد من قدر التعاون والتآلف بينهم بعضهم البعض بما يحقق التقارب والسلام في الأرض. والاسلام لم يحدد شكل سياسي معين أو نظاماَ للحكم لادارة شئون البلاد ، وان كان اقر مبادئ وقيم ثابتة يسير علي هداها أي نظام سياسي قائم واهمها مبدأ الشوري والعدالة والمساواة بين الجميع (حاكم ومحكوم) في الحقوق والواجبات مع مراعاة اختلاف الأدوار المجتمعية والسياسية بينها، وان كان البعض ينادي بنظام الخلافة السياسي الذي ساد في العصور الاولي للإسلام فانني اراه نظاماَ استرشادياَ للحكم يحمل لنا قيماَ ومبادئ سياسية اكثر منه نظاماَ يحمل لنا قواعد واطر إدارية تنظيمية تحتذي؛ فما يصلح منها لظروفنا وعصرنا ناخذ به وهو اولي بالاقتداء، ومالا يناسبنا منها فلا حرج علينا ان تركناها او عدلنا فيها حسب احتياجاتنا.

لقد وضع الشرع الحنيف مبادئ وقيم سياسية وتنظيمية تشكلت بشكل الخلافة الراشدة وسار علي نهجها من بعدهم بكثير من التطور والتصرف ولكن ليس لزاما علينا في عصرنا الحديث وفيه ما يحمله من متغيرات عديدة ان نلتزم بها وان كان لزاما علينا (واشدد علي ذلك) الالتزام بالمبادئ والقيم التي وضعها الشرع واقرها.

ان الإسلام ليس منهجا سياسياَ ولكن السياسة جزء من منهج الإسلام.

 

 

 

 

الحدوتة الرابعة .. مفاهيم محتاجة تفهيم

احبابي في الله سلام الله عليكم

حدوته اليوم عن عدد من المصطلحات التي يتم تداولها بيننا دون وعي كامل بما تعنيه ، وربما حرفنا تلك المعاني عن مقاصدها بشكل يؤدي أحيانا الي معني معاكس تماما .

علي رأي استاذي عبودة – يلا بينا

الوطن

مجرد سماع تلك الكلمة يتبادر الي ذهنك كل الأغاني الوطنية علي مر تاريخ الإذاعة والتلفاز ويتصور في ذهنك العلم الجميل وهو يتهادى في الهواء ... الخ تلك الاحاسيس المختلفة.

كلا يا سادة

لن يكون احساسك بوطنك صادقا ما لم تشعر فيه بالأمان ، مالم تشعر فيه بالسكينة وانت في اتون المعارك ، ما لم تشعر فيه بالسعادة وانت في قمة حزنك وغضبك وبؤسك ، سيكون ملاذك عندما تضيق بك السبل ، سيكون بيتك حينما يطردك الجميع ، سيكون سلواك حين يجفوك العالم باسره ، الوطن ليس ارضا ولدت او عشت فيها واهلا ترعرعت بينهم ، الوطن عديد من المعاني المتقاربة والمتكاملة لتكون في النهاية (وطن)

ربما يكون وطنك في ابعد مكان يتخيله عقلك ، وربما تشعر بالغربة الجارفة وانت بين اهلك ، فلننزع عن مخيلتنا المخدوعة الحدود الجغرافية والسياسية المصطنعة والتي اوهمونا بانها وطننا ، امتنا الإسلامية تمتد بكل افاق العالم وانا اعتبر كل شبر يسكنه احبابي واخواني واصدقائي هو وطن لي ، سأتعصب للمظلوم ولو كان خصما لي ، ولن اقف بجانب ظالم ولو كان يسكن منزل ابي .

ربما تحب ان تقصر اهتمامك علي محافظتك مثلا او حتي قريتك او مربعك السكني الذي تسكنه، هنا فقط يكون وطنك ، وحين تجد الاهتمام لديك لتفرح وتحزن لفرح او كره مساحة اكبر حينها ستكون وطنك الجديد ، قناعاتي الخاصة ان حدود وطني هي كل بلاد المسلمين الموحدين ، وانما مصر والمنطقة العربية جزء منها ، وأوروبا جزء منها والامريكتين جزء منها ، وسيبريا جزء منها ، بل والمريخ أيضا سيكون جزء من وطني ان سكنه احبابي واخوتي واصدقائي المحببين لنفسي

هذا هو الوطن يا سادة ، وهذه في رايي الوطنية

الأخوة

بضم الخاء وتشديد وفتح الواو، تعني في معانيها الكثير، لكن نجد البعض يختذلها في اطر ضيقة، وان كانت صحيحة لكنها لا تعبر عن مدلولها الحقيقي، الاخوة قد تعني رابطة الدم حقا لكنها ليست فحسب، وقد تعني اخوة الهدف والمبادئ، ولكن لا يكفي المعني أيضا !

الاخوة يمكن ان نجمل معني شامل لها بانها رابطة عصماء شديدة المتانة تربط فردين او اكثر من المخلوقات يتقاطعون في دائرة من الدوائر وتقارب بينهما وتجعل التضحية والايثار هي ديدنهما بينهم بعضهم البعض اكثر ممن هم خارج دائرتهم ، سم هذه الدائرة ما شئت واطلق لخيالك العنان في تعديد اشكالها : اخوة الدم ، اخوة العرق ، اخوة الدين ، اخوة الوطن ، اخوة الأهداف ، اخوة السلاح الحرب ، اخوة الجهاد ، اخوة المنطق والتفكير ، اخوة المبادئ ، اخوة الأهداف والاحلام ، اخوة الفساد والانحراف (العجيب في هذا الشكل من الاخوة برغم انهم يجتمعون في دائرة واهية وضارة لهم لكنهم يرتبطون بينهم برباط قوي عجيب – سبحان فاطر القلوب) .... الخ ما يتسع خيالك وفكرك لتسمية وتذكر اشكال لتلك الرابطة.

فالأفضل لنا الا نقارن بين احداها والأخرى ؛ فلكل من تلك الصور من الاخوة خصوصياتها وحجمها ومتانتها وظروفها ، ومن الظلم والبين ان نعقد المقارنات بينها ، لا مجال .

مات الكلام .. وعليكم السلام

الجهاد

ياله من معني كبير وفضفاض ، يشمل الكثير والكثير من المفاهيم والمثل والقيم العالية ، يشمل الكثير والكثير من الرموز والاعمال الجلل ، في معناه المباشر هو دفع لشيء ومقاومته بهدف تغييره او تدميره ، وهو مثل كثير من المصطلحات ؛ له الكثير من الصور والمعاني التي تشكل كل منها موضوعا قائما بذاته ، هذا من جهة ، ومن جهة اخري نجده قد أصابه أيضا التحريف و الزيف أحيانا واضحي في كثير من صوره لا يعبر عن مضمونه الحقيقي .

عملك أيها الاب لأجل بيتك وخدمتك ورعايتك له جهاد ، تفانيكي ايتها الام لراحة اهلك واولادك جهاد ، ولكليكما الاجر الذي ستحوذانه في الدنيا والاخرة ، تفانيك أيها المعلم لبناء وصناعة جيل قوي يتحمل صعاب الحياة ويقوم بمسؤولياته خير قيام جهاد ، دعوتك إيها الامام او الداعية او كما يحلو لنا بتسميتك "شيخ" وما تلاقيه في سبيلها وفي الزود عنها جهاد ، انت أيها المقاتل والذي اقتنصت لصورتك وحدك المعني المباشر للجهاد لن تسمي مجاهدا مالم يكن لك هدف نبيل وسامي ومحدد الملامح من قتالك تبذل فيه الغالي والنفيس ، انت بدون ذلك مجرد احد الاشاوس المغاوير المهووسين بالدم وازهاق الأرواح ، وان لم تتحلي بآداب الحرب والقتال وتدرس ادبياتها التي تضبط سلوكياتك اثنائها فلست بأكثر من مجرم آبق من العدالة ، وربما ستكون اكثر المطلوبين للعدالة إجراما !

الجهاد في سبيل الله يا سادة ليس في سلاح وترس فحسب ، الجهاد الحق يكون بمحاولة تغيير واقع فاسد ومؤلم لصالح من نحب ، ويجب ان نبدأه بالسلم لا بالعنف ، يجب ان نبدأه بالعقل والحكمة والموعظة الحسنة قبل ازهاق الأرواح وقتل النفس (أي نفس – كلها انفس متساوية) ، الجهاد تضحية وايثار ، الجهاد حماية لمن تجاهد فيه وخوف عليه لا حرص علي ايلامه ، الجهاد في سبيل الله طاعة الله في رعاية عباده .

لتعلموا يا سادة ان الفكر لا يحارب الا بفكر ؛ رب كلمة في لحظة عابرة أوقع من الف رصاصة والتاريخ حافل بأمثلة من هذا القبيل ، قناعتي بان الحرب في الإسلام ما شرعت الا دفاع عن حرية الاعتقاد ودرء الشر عن المجتمعات الامنة ، لم تفرض لنشر الدين ابدا ، بل للزود عنه وحمايته ، لو ترك الكفار الرسول (ص) في مكة لدعوته وخلوا بينه وبين الناس لما احتاج الرسول الي النزوح الي المدينة و أصحابه ولما قامت في المدينة دولة ولما كانت الغزوات وما تلاها من فتوحات ، لتعلم أيها المسلم (وليعلم من جهة اخري غير المسلم – ليتبين حقيقة الامر بدون ان يغرر به مغرر) ان حدود تكليفك بعد الايمان بدعوة محمد (ص) ان تلتزم بها أولا ثم تعمل علي نشرها بكل ما اوتيت من قوة وامكانيات ثم عليك حمل سلاحك وتقديم نفسك ذكية طاهرة لله تعالي في سبيل الزود عن تلك الدعوة او حمايتها وحماية معتنقيها وحماية كل مظلوم أيا كان دينه او عرقه او لونه او ثقافته ، انت سيد هذا العالم بما شرفك الله به من حمل اعظم واخر رسالاته الي اهل الكون كله ، سيادتك لهذا العالم ليست تشريف لك بقدر ما هي تكليف ومسئوليات تجاه راحته وسعادته ولو علي حساب راحتك وسعادتك ، بقدر حبك لهذا العالم يكون تفانيك لخدمته والزود عنه ضد الشيطان واعوانه وكل من يحاول افساد حياته ، وبقدر ادائك للتكليف يكون مقامك في التشريف .

بس كفاية كده

الحرية

اكثر من يستهلكونها هم المتشدقين بها ؛ حيث يتخذونها شعارا لا تطبيق له علي ارض الواقع، ويدعون فهمها وهم عنها ابعد.

ماذا تعني الحرية؟ هي التحرر من كل ما يكبل قرارك وحلمك، هي التحرر من كل ما يخيفك، هي التحرر من كل ما يخنق طموحك ورؤيتك لمستقبلك.

دع ما يريبك الي ما لا يريبك حرية، الصدقة والإحسان حرية، الزود عما تملك أيا كان وباي صورة حرية، التخلص من عبودية اهوائك ونزواتك حرية، تقييد نفسك بنفسك بثوابت ومبادئ تسير برضاك علي هداها وخطاها وتلزم ذاتك وجوارحك بما لا يحيد عنها لهو في رأيي "المعني الحقيقي للحرية".

ما جدوى ان تتشدق بما لا تملكه؟ ما معني ان تتلقب بالحر وانت عبد لشهواتك ونزواتك؟ هل غدوت حرا حين فعلت ما هو غير مألوف أو مخالف لمن حولك؟ أم صرت خانعا لرغبة يأبى أن يخضع لها طفل اهوج او عديم عقل اخرق؟ هل صارت المخالفة لكل ما هو ثابت وراسخ من قيم مجتمعاتنا ديناً وديدنا لكل من يريد ان يعتمد ويوثق صك حريته ؟!

كلا يا سادة ..

الحرية ان تعيش حرا لا ان تخالف لكي تعرف، تحترم ما ارتضيته متوافقا مع حياتك ومبادئك وتحاول تغييره ان تعارض معها، تحيي الشعار لغيرك قبل ان ترتضيه لنفسك، الحرية هي ما نادي به لسانك وصدقه ووافقه عملك، لك ان تعيش كما ترغب ولكن لغيرك نفس الحق، وكل الفروسية والفداء في ان تحفظ للغير ذلك الحق قبل ان تطلبه لنفسك.

ليت الرسالة تكون قد وصلت.

السعادة

هي ذلك المفهوم الذي لا استطيع الكتابة عنه لانني ببساطة لا اشعر به وكأنه لا يعرفني ولا انتمي اليه ، وفاقد الشئ بالطبع لا يستطيع منحه .

فخبروني انتم ، ما مفهومكم للسعادة ؟ بدون تكلف او تنظير لو سمحتم !

 

 

 

الحدوتة الخامسة .. اكذوبة اسمها ال البيت

محبة ال البيت -رضوان الله عليهم- وتبجيلهم تتربع و تتموقع داخل قلوب المسلمين جميعا ولا يختلف علي ذلك اثنان، بل ويعده بعض العلماء من صميم الايمان ولا يكمل الا به. لكن المعضلة الكبرى ظهرت في المبالغة في ذلك التقدير والتبجيل حتي وصل الامر الي حد الشرك بالله والخروج عن الملة، كمثال علي ذلك الشيعة وكثير من الصوفية.

وزاد من خطورة الامر تبني الفكرة احد اذرع الشر في الأرض لتحقيق عدة اهداف خبيثة له لعل اخطرها هو افساد العقيدة من جهة واحداث انقسام عظيم بين صفوف العالم الإسلامي والتي من المفترض ان عريها لا ينفصم واقوي من أي خلاف كما نص الشرع الحنيف، وقد نجحت عصبة الشر في تحقيق كلا الهدفين ايما نجاح.

بداية لنعلم ان مسمي "آل البيت" لا يقتصر علي ال بيت النبوة فحسب بل هو اشمل واعم من التموقع في اطار النسب الشريف فقط، والا لكان يشمل كفار بني هاشم او بني عبد مناف وعلي راسهم سنان الكفر ورمزه ابي لهب عم الرسول –صلوات الله عليه و تسليماته- أو حتي ابي طالب وله ما له من مآثر ومواقف مع الرسول الكريم والدعوة المباركة. هذا من جهة، ومن جهة اخري نجد ان رسولنا المصطفي (ص) قد ضم الي زمرة ال البيت من لا ينتمون الي نسبه الشريف حين قال "سلمان من آل البيت" وهو –أي سيدنا سلمان الفارسي- ابعد ما يكون نسبا وعصبا عن نبينا الكريم. ربما يقصد بمسمي آل البيت (والله اعلي واعلم واترك هذا الامر لأهل الخبرة والعلم ليؤيدوه أو يفندوه) هو البيت الحرام بيت الله العتيق، يستدل علي ذلك من الآية الكريمة "قَالُوا أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ ۖ رَحْمَتُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ ۚ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ "﴿٧٣﴾ سورة هود، حيث يتضح لنا فيها أن ال سيدنا إبراهيم عليه وعلي نبينا السلام ينضوون تحت مفهوم آل البيت.

لا شك ان الفكرة نبعت من محبة رسول الله وآل بيته وخاصته الاطهار، لكنها قد تم استغلالها من عدة اطراف وفي عدة مناسبات وعلي عدة مراحل وبعدة اشكال لتحقيق مآرب تجتمع وتفترق في كثير من النقاط لكنها تتوحد في نتائج موحدة تتلخص في العداء للإسلام ومحاولة القضاء عليه او تقليص دوره علي اقل التقديرات سوءاَ، فقد تم استخدامها مثلاَ للوقيعة بين المسلمين في فتنة عثمان وعلي رضوان الله عليهما، ولكن اظهر استخدام لها واخطره تم في العصور المتاخرة من نشأة حركات سياسية وفكرية تتخذ من تلك الفكرة شعاراَ لاخفاء أهدافها الخبيثة والتستر بها للأنغماس داخل المجتمع الإسلامي واختراقه.

وفي الحقيقة فاني اجد في الحركتين البهائية والشيعية الامامية اظهر مثالين لتلك الحركات الهدامة، وذلك لسببين رئيسيين:

الأول ان تلك الحركات وجدت الدعم اللامحدود من راس الشر في الأرض والمكرسة والممهدة لحكم الشيطان وحليفه الأرضي الدجال للعالم (وأجل رؤوسها واظهرها هي الماسونية)، بل اني اكاد اجزم جزماَ يقينياَ ان كلا الحركتين هما اذرع حقيقية وقوية لقوي الشر تلك؛ تأتمر بأوامرها وتنفذ مخططاتها بين الشعوب كافة والأمة الإسلامية بخاصة، وقد نجحتا في ذلك ايما نجاح مما يعطيهما الأفضلية لديها في التكليف بالادوار الهدامة داخل المجتمعات (بخاصة الإسلامية كما ذكرنا) عن بقية الحركات والتنظيمات الأخرى.

والثاني هو تفوق تلك الحركات علي سائر الحركات الأخرى المرصودة بانها اذرع واضحة وفعالة للشر الشيطاني الأكبر من حيث قوة الانتشار وتكتيكاته من جهة وعوامل التغلغل والتخفي داخل المجتمعات من جهة ثانية.

انني هنا أؤكد مراراَ وتكراراَ علي الفصل بين حركة الشيعة الامامية كتنظيم وبين عموم الشيعة ذوي الاعتقاد الطيب والغيرة الصادقة علي الدين والمحبة الحقيقية الخالصة للنبي الكريم وآل بيته الاطهار، وانني لأجدهم يشبهون في هذا الامر النصاري (مع فارق التشبيه من حيث مضمونه واطرافه) حيث نجد رجال الدين والقائمين عليه في الكنائس في واد وشعب الكنيسة في فكر وواد آخر ولذلك مجال آخر لحديث خاص به. ان اغلب اخوتنا الشيعة يجلون آل البيت الاطهار ويبجلون سادتنا علي بن ابي طالب وابنيه رضي الله عنهم اجمعين وبخاصة الامام الحسين، ولكن لا يرفعونهم لدرجة التقديس والتاليه كما فعل النصاري مع سيدنا عيسي عليه السلام وحوارييه الكرام، والمثير أن منهم من لا يقر سب الصحابة الكرام وعلي راسهم امنا ام المؤمنين سيدتنا عائشة بنت الصديق رضوان الله عليهما وان كانوا يرون افضلية سيدنا علي بن ابي طالب وآل بيته وتقدمهم عليهم، ورغم اني اخالفهم في ذلك لكني لا انتقدهم فيه ولهم رايهم الذي يخضع للجرح والتعديل من قبل المختصين، وعليه لا اعاديهم بسببه. ولكن اعادي من ينتقص ولو الضئيل من قدر وكرامة وشرف احد من آل بيت النبوة وفي القلب منهم امهاتنا زوجاته الاطهار او من صحابته الكرام والذين شهد لهم نبينا الصادق الأمين بانهم خيار امته رضوان الله عليهم اجمعين، وبرغم توجيه الاتهام لهم باستخدام التقية لإخفاء معتقدهم امام الاغيار لكني اجزم يقيناَ برايي هذا وهو ان هناك بون كبير بين عموم اخوتنا الشيعة وقادتهم الدينيين.

وعلي الجانب الاخر أتوجه بالنداء الي الاخوة الشيعة، نداء من صميم قلب محب ومخلص ارجوا ان يصيب أهدافه في القلوب قبل العقول. انها لا تعمي الابصار ولكن تعمي القلوب التي في الصدور، والحق ابلج لا يحتاج الي استبيان معالمه واستجلائه الا الي عقول صافية متحررة من قيود وأفكار مسبقة لا تريد النفوس الحيد عنها، ونفوس تواقة الي الرسو بسفينها علي شاطئ الحقيقة المجردة.

بداية اعرف نفسي واشرف باني (كعموم المسلمين) من اهل السنة والجماعة الملتزمين بالقرآن الكريم وما تواتر من صحيح السنة عن نبينا الكريم وصحابته الكرام شريعة ومنهاجا لا يزاحمها في قلبي او عقلي ما عداها من شرائع وأفكار قد تتعارض معها فارفضها جملة وتفصيلا، ومحبتي وتقديري لآل البيت (كلهم ولا استثني منهم احداَ) نابع من حبي للنبي العظيم بالأساس ثم تقديراً لالتزامهم بالشرع الحنيف والتاسي التام بالرسول الكريم كباقي الصحابة والتابعين رضوان الله عليهم اجمعين، ولا استثني ايضاَ منهم احداَ او ازيد في فضل احدهم علي الآخر الا بقدر عمله وما اختصه به الرسول الكريم من فضل زائد وتمييز عن غيرهم.

وليعلم اخوتنا الشيعة اننا لا نعيب عليهم محبة آل البيت بل نزاحمهم عليها وننافسهم علي الحوض بها يوم اللقاء الأعظم باذن الله، ولكننا لا نغالي فيهم مغالاة الأمم السابقة في انبيائهم وفضلائهم بل ننزلهم فقط منازلهم دون افراط او تفريط. ومن جهة اخري لا نستثني منهم احداَ في محبتنا وتقديرنا؛ فسيدنا علي هو اخ مكافئ في اعتقادنا لسادتنا أبا بكر وعمر وعثمان، وسيدتنا فاطمة الزهراء لها مكانة ومحبة امنا عائشة في قلوبنا رضوان الله عليهم اجمعين، ومن يعاديهم او يخوض فيهم فهو من الد اعدائنا ان لم يكن الدهم اجمعين.

ومن جهة اخري أتوجه اليكم اخوة الإسلام بعلامات استفهام تحتاج لأن تتفكروها ببصائركم وعقولكم وقلوبكم استجلاءاَ للحق وانتصاراَ للحقيقة، وهي لدينا مجاب عنها وجلية لنا، فلتجيب عنها ضمائركم وليكن الحكم لبصائركم.

السؤال الأول – الامامين الحسن والحسين رضي الله عنهما ابني السيدة فاطمة والامام علي رضوان الله عليهما. فلماذا كل التقدير والاهتمام للإمام الحسين دون الامام الحسن؟ هل بسبب زوجة الامام الحسين ابنة يزدجرد كسري فارس الأخير؟ وهل استشهاد الامام الحسين في كربلاء هو من جعل له الأفضلية علي أخيه المساوي والمكافئ له في نسبه الشريف؟ وهل موقف الامام الحسن من خروج أخيه الي العراق ورأيه فيمن خرج معه وادعوا نصرته له دور في الانقلاب علي الامام الحسن وتجاهل فضله ومنزلته ومآثره وتلميع دور أخيه عنه في مقابل ذلك؟

اما كان اجدر بذلك التلميع سيدنا الحسن وقد كان صاحب بصيرة وتبصر حين طالب أخيه بعدم الخروج والا يثق بوعود النصرة التي قطعت له وقد صدق حدثه وتوقعه؟ وماذا كانت نتيجة خروج الحسين الا مجزرة ما زالت تدمي قلوب المسلمين جميعاَ حين نتذكرها، وقد استغلها تجار الدين والكائدين له علي مر العصور مبكاة ومظلومية لينالوا بها مآرب خاصة بهم واخطرها الكيد لهذا الدين الحنيف وأهله؟ أما كان يشفع للإمام الحسن ويرجح كفته امام أخيه (بدلاَ من ان يحدث العكس) انه وحد كلمة المسلمين حين تنازل عن الخلافة لمعاوية رضي الله عنه وحقن دماء المسلمين فيما عرف بعام الجماعة، الا تكفي هذه وحدها مأثرة لتجل قدره وترفعه أمام أخيه؟ هل تعلمون ان لهم شقيق ثالث اسمه محسن؟ شقيق من نفس الوالدين ورغم ذلك سقط من الذاكرة لديهم!

الف علامة استفهام تقف أمام هذا السؤال!

السؤال الثاني – لماذا يتم تجاهل الامام عثمان بن عفان وهو زوج ابنتي الرسول الكريم صلوات الله عليه وتسليماته (وليس ابنة واحدة!) ؟ اوليس هو عديل الامام علي؟ وزوجتيه شقيقتا زوجته؟ وابنائه منهم يكافئون الحسن والحسين رضي الله عنهما؟ ام لأنه لم يصاهر العنصر الفارسي؟ ولم يتم استخدام اغتياله دعائياَ كما تم استخدام اغتيال الامام علي وابنه الامام الحسين وقد كانا يدافعان عنه ويفتديانه بنفسيهما (أي الامام علي والامام الحسين ومعهم ايضاَ الامام الحسن!) مما يرجح عدالة موقفه أي الامام عثمان وفضله ومكانته؟ ولماذا تم تجاهل أبناء الفرع العباسي من ترتيب الامامة وجدهم عم الرسول عصباَ واخوة سيدنا علي وعصبته؟ بل وقد تم تجاهل بعض احفاد الامام علي من أبناء الحسنين من الترشيح للإمامة وكأنه يتم انتقاء الامام حسب الاهواء؟!

السؤال الثالث – اين بقية أبناء الامام علي ممن يشهد لهم بالفضل والعلم والمكانة من فكر الامامية الاثني عشرية كمثال علي ذلك الامام محمد بن الحنيفية وغيره؟ وما راي الامامية الاثني عشرية فيمن اتهم بالفسق وانتهاك حرمات الله ممن ينتسبون للإمام علي والحسنين رضي الله عنهم اجمعين؟

العديد من الأسئلة المشابهة تبحث عن إجابات في البابكم اخوة الإسلام المتسمين بالشيعة، ولكن لها إجابة شافية لدي عموم المسلمين من اهل السنة والجماعة:

كل اتباع البيت العتيق وربه ومن يلتزمون بشرعه ومنهاج نبيه من آل البيت ولو كان عبداَ حبشياَ.

وليس منهم من خرج عن شرع الله ولو كان شريفاَ قرشياَ او حتي شقيق القاسم او علياَ.

والله تعالي اعلي وأعلم.

 

 

الحدوتة السادسة .. قناعات خاصة

ربما هي قناعات تخصني وحدي، وبالتالي لا الزم بها أحد ولا أدعي عصمتها من الخطأ. ولكنني أري الإعلان عنها في ذلك التوقيت من الزمن الذي نعيشه بات لزاما علي من باب "من كتم علماً الجمه الله بلجام من نار يوم القيامة"، ومن جهة أخري ربما يتحقق معظمها أو كلها فأكون قد قصرت في التنبيه عنها لمن يجهلها أو عليها لمن سمع بها وغفل عنها.

لذا استميحكم عذراً قرائي الأفاضل بالا يجادلني فيها مجادل، ولا يطلب مني احدكم ذكر مصادري او يناقشني بشأنها ان لم اذكر من تلقاء نفسي تلك المصادر، ولست احتكر العلم والمعرفة لشخصي وعليه لا ادعي عصمة ما أقول من الخطأ ولكني في غير محل مناقشة صحته من عدمها، تلك قناعة خاصة بي اطرحها عليك اخي القارئ ولك مطلق الحرية في الاقتناع بها او تجاهلها.

وكما يقول دائما اخي واستاذي عبد الله الشريف – يلا بينا.

القناعة الأولي .. اوشكت النهاية على البدء

نقلاً عن الكاتب انيس منصور – بالرغم من عدم اقتناعي بكثير من أقواله وافكاره- فقد ذكر نظرية في تطور نشأة الحضارة علي الأرض انها تبدأ من مرحلة الصفر ثم يزداد معها التطور الحضاري للبشر بوتيرة عجلة تصاعدية الي ان  يصل الي مرحلة تعد نهاية التطور بالنسبة لتلك الحضارة، بعدها ولسبب كارثي كبير تنهار تلك الحضارة بشكل مفاجئ وكامل وغالباً بشكل سريع وتعود الي مرحلة الصفر (ربما الجمع والالتقاط حتي) ولا يتبقى من ذكراها الا آثار قليلة تنجو من ذلك التدمير وتبقي بتقدمها الكبير الغير متناسب تماماً مع المرحلة التاريخية التي من المفترض انها تمت فيها، والشواهد علي ذلك كثيرة؛ من اهرامات الجيزة في مصر الي بوابة الشمس في حضارة الأنكا في البيرو، وحتي ما يروي عن حضارة اطلنطس المفقودة، والامثلة اكثر من ان تحصي هنا.

وعليه فاني أري في كثير من الميثولوجيا التي ندرسها أو نقرأ عنها أنها حقيقية وربما اقل غرابة من الحقيقة ذاتها، وبالتالي فإني مستعد لتقبل كل ما يمكن أن يقول الناس عنه أنه مستحيل أن يكون قد حدث وربما لن يحدث.

القناعة الثانية ... لسنا وحدنا

نعم نحن لسنا المخلوقات العاقلة الوحيدة على الأرض، وسيأتي الينا من الفضاء من مكان ما (يختلف على وجوده وتسميته الكثيرون) مخلوقات اخري أكثر تطوراً منا، سمهم بما شئت؛ زواراً أو ملائكة أو أصحاب الأرض، لن أختلف مع أحد في التسمية أو التوصيف.

كلنا نعلم أن الجن (لفظاً) هو ما جن عن الأعين أو تخفي عنها، وليسوا جميعاً من مارج من نار، الجان فقط كما اخبرنا رب العزة هو كذلك (وخلقنا الجان من مارج من نار - صدق الله العظيم) فهو في رأيي خلق من الجن أو من المخلوقات المخفية منها أو التي تتخفي عنا، وأيضاً ليس كل البشر من بني الإنسان ، بل اني اري ان الانسان ربما هو الذي يتشابه مع اجناس البشر الأخرى، وحتي يظهر أي تفسير لذلك لا احد يسألني عن آرائي، فقط ابحثوا، لعلكم تجدون الهداية لأسئلتكم.

ان اجناس البشر ليست كلها تعيش على سطح الأرض؛ بل يعيش البعض منها داخل الأرض أو في باطنها بشكل أو بآخر، ولا انادي لا بكروية الأرض ولا بتسطحها؛ فهو أمر غير محسوم ولا مجزوم لدي ولا حتى يعنيني في البحث عنه، وان كنت على يقين تام بأن باطن الأرض يحوي من مظاهر الحياة ما لا يتخيله عقل.

نقطة أخيرة قد تساعد على فهم أو تفهم وتقبل ما هو متوقع حدوثه من أمور في العهود القريبة؛ الانسان خلقه الله من مكونات الطين وعناصره الأرضية، ومع ذلك فهو في صورته وطبيعته الحالية بعيد كل البعد عن الطبيعية الطينية! ولا تعرف العناصر المكونة لجسمه الا بتحليل أنسجته، فلا نستبعد أن ينطبق ذلك ايضاً علي سائر المخلوقات العاقلة الأخرى، فربما كان الجان مخلوق من نار حقاً لكن طبيعته الحالية ليست نارية وتأخذ شكلاً مغايراً للنار، ولنعلم أن طبيعة الأشياء أو الموجودات حولنا ليست دائماً كما تبدوا لنا؛ فالضوء مثلاً بطبيعته الطيفية ان سار بنفس سرعتنا نحن سنستطيع الإمساك بفوتوناته كأجسام مادية محسوسة، ولو سرنا نحن بنفس سرعته أو ما يقاربها بالارتفاع او الانخفاض صرنا اشعاعات او كالإشعاع وتغيرت طبيعتنا، والحياة مليئة بالأسرار التي لم نصل الي مكنوناتها وفوق كل ذي علم عليم.

وعلى وجه العموم انصحكم قرائي الاحباب أن تضعوا نصب اعينكم الحقيقة الثابتة "ان كل شيء في الحياة نسبي يحتمل الوجه الآخر له"، فلا نضع كل حقائقنا التي نعلمها كمسلمات في اذهاننا بل نضع في الاعتبار انها يمكن ان تكون غير ما نعلم ولو بنسبة ضئيلة، لكن علينا الا نتحول الي الجانب الآخر الا بأدلة واضحة ودامغة غير قابلة للتشكيك وساعتها أيضاً نضع في حسباننا أن الوجه الأول ربما كان هو الحقيقة ولو بنسبة ضئيلة.

القناعة الثالثة .. يأجوج ومأجوج ربما كانوا بيننا الآن

ربما يكون رأيي صادماً للبعض ولكني اري أن يأجوج ومأجوج ربما كانوا صنفا من البشر وربما يعيشون بيننا الآن، فربما كان خروجهم قد حدث منذ وقت طويل وان خروجهم علينا الذي قصده الرسول محمد (ص) هو ظهورهم وتسلطهم، وبالنسبة لروايات الامام الطبري بشأنهم او التي تحدثت عنهم فلا اظنها الا من روايات الاقدمين عنهم وعن غيرهم وامتزجت بها الاساطير والموروثات الشعبية لتكون لنا في النهاية الصورة التي نعلمها عنهم.

اظنهم هم قبائل الخزر الهمجية التي سكنت شرق أوروبا في فترة من الفترات ومنها تفرعت الجماعات التي حكمت العالم وسيطرت عليه من أشاوس اليهود والصهيونية العالمية، راجع عزيزي القارئ تاريخ الساسة اليهود والي ما تنحدر اصولهم وتأثيرهم السيء علي كل المجتمعات التي عاشوا فيها وعاثوا فيها افساداً وتدميرا، تساءل عزيزي عن المملكة الخفية التي تحكم العالم وأصحاب الدرع الأحمر تحديداً ومم ينحدرون أو من أين، ثم قارن من جهة أخري بين هذا التأثير والتأثير المتوقع حدوثه من يأجوج و مأجوج حال خروجهم المنتظر كما اخبرت عنهم الروايات والاحاديث المختلفة – والله اعلم.

القناعة الرابعة .. نحن نرزح تحت الاحتلال الأعظم في تاريخ البشر

نحن مسيطر علينا في الأرض من جنود ابليس اللعين وتابعون اليه مباشرة، ونحن في حرب مقاومة للفكاك من هذا الاحتلال وتلك السيطرة.

بدون الدخول في تفاصيل كثيرة ومثيرة في ذات الآن؛ نحن محكومون في الأرض بأعوان الدجال او المسيخ الدجال رجل ابليس اللعين الأول ونائبه في حكم الأرض والسيطرة عليها، نجح هؤلاء الاعوان بكافة اطيافهم وصفاتهم وشخصياتهم وادوارهم في احكام سيطرتهم على الكرة الأرضية تمهيداً لخروج سيدهم الدجال ليحكم الأرض باسم سيده وحليفه ابليس اللعين الذي يلقبه اتباعه بلقب "امير هذا العالم"، ولكن الله متم نوره وننتظر نحن المؤمنون بدورنا هذا الوعد الحق.

لا ندع المظاهر تخدعنا، الدول التي نحسبها هي المتسيدة لهذا العالم والمسيطرة عليه هي في حد ذاتها ترزح تحت حكم وسيطرة تلك النخب من أعوان الدجال، هم يمتصون دماء شعوب تلك الدول ويستنزفون خيراتها ويوجهون سياساتها المختلفة لخدمة مصالحهم ومخططاتهم هم بالرغم من تعارضها مع مصالح شعوب تلك الدول وضد توجهاتها ومطالبها، حتي اذا أضحت تلك الدول مستهلكة (بفتح اللام) وأدت الأدوار المنوطة بها لخدمة مصالح تلك النخبة وأهدافها تركوها وربما اهلكوها بشكل تدميري لصالح الدول الجديدة التي يسيطرون عليها لتنفيذ أدوار جديدة وتسيير حركة مخططاتهم الجهنمية، حدث ذلك مع دول مثل هولندا والبرتغال ثم استبدلوهما بفرنسا ثم بريطانيا وأخيرا بالولايات المتحدة وروسيا، وربما كانت الدولتان الأخيرتين هما نهاية المخطط، حيث الإعلان عن ظهور وخروج سيد العالم المتحد تحت لوائه والذي سيحكمه من القدس الشريف (اورشليم) بعد أن يتم افناء باقي القوي لصالح شرذمة قليلة، وسيكون للصين والهند دور مباشر في هذا.

لنعلم أن الامر لا يتعلق بدين او ملة او حتى جنس معين، وان كانت تلك الأمور الثلاثة ستستغل أسوأ استغلال في تنفيذ ذلك المخطط الجهنمي، وسيكون الضحية هم الشعوب العربية ومقدراتها وحرياتها، ستحدث فيها مقتلة عظيمة ربما هي الأكبر والابرز منذ ظهورهم كشعوب وقبائل متمايزة عن غيرها.

تذكروا جيداً؛ الامر لا يتعلق بدين او مله او جنس، من بين من نظنهم اعدائنا سنجد الأصدقاء والمعاونين المخلصين، ومن نعدهم حلفاء طبيعيين ومنطقيين ربما سيكونون هم أعوان الشيطان الحقيقيين.

القناعة الخامسة .. التسونامي الأعظم قادم

يشهد العالم انقلاباً مناخياً بات مصيرياً لا يمكن الرجوع عنه، سواء من الظواهر المناخية الحالية الناتجة عن سوء استخدام البشر للموارد ومن التلويث والتدمير المتعمد للبيئة والمتزايد بوتيرة تصاعدية رهيبة او من أخطاء سياسية او عسكرية كارثية او حتى من أخطاء صناعية بأيدي البشر (لاحظوا ان كل الدوائر تتقاطع عند البشر).

ربما من أحد الأسباب السابق ذكرها او كلها وربما مع غيرها أتوقع انهياراً كارثياً قوياً للمنظومة الحياتية لكوكب الأرض وسيكون من مظاهرها سلاسل من الهزات الأرضية وثورات البراكين العملاقة وفيضانات عارمة وموجات بحرية رهيبة (تسونامي) تغرق كل المناطق الساحلية ولأعماق كبيرة في الداخل، لذا انصح الجميع وقدر المستطاع بتجنب المناطق المزدحمة والساحلية والهروب الي الخلاء او السكن فيه حيث اجده أأمن وأكثر سلامة وبعيداً عن الاخطار.

كما انصح بان نهتم بحياتنا الشخصية أكثر والقرب من احبابنا واهالينا بقضاء فترات أطول معهم، وقبل كل هذا وذاك علينا العودة الي الله والفرار من غضبه اليه وهو الرحيم الودود سبحانه جل وعلا.

 

القناعة السادسة .. لنستعد

على كل من يوطن نفسه أن يكون له دور في مقاومة الشر الذي سيجتاح العالم قريباً أن يكون مستعداً ومتجهزاً له، الآن ليس لنا دور سوي الانتظار والترقب حتى يأذن الله بما قدره، مع الايقان منا بحتمية وعد الله بنصر عباده وإظهار الحق مهما علا الباطل وتجبر، كل ما بشر الله به قادم، ستاتي ملاحم آخر الزمان تترا، وستكون محن عصيبة يختبر الله بها صبر أوليائه ومثابرتهم ليميز بها الخبيث من الطيب ثم كما بشر جل وعلا سيقطع دابر الكافرين.

ستأتي السنوات الخداعات، فلنحذر ولنتريث ولنفكر جيداً فيما نحن مقدمون عليه، لا ننساق ضمن سياسة القطيع لكل هاتف مهما كان امره، علينا التبصر فيما سنقدم عليه من أمور ولنفهم علتها ومدي جدواها، رب صديق ظاهر هو عدو خفي والعكس بالعكس، فلا ننقاد لرأي صديق ولا نفزع للقاء عدو حتى نتبين ما نحن مقدمون عليه ومدي جدواه لنا.

لنبحث عن بعضنا البعض ولنتقارب بكل اشكال التقارب ماديها ومعنويها حتى يعاضد بعضنا بعضاً ونعين بعضنا البعض على ما هو آت، معاً سنكون قوة وسنتجاوز الصعاب بإذن الله.

دمتم بخير

 

 

الحدوتة السابعة .. يلا نعمل جمعية

- اعلم انه سيتبادر الي اذهانكم صورا عدة للكلمة ، ولكني اعني بـ "الجمعية" هي تجمع عديد من الافراد حول إقامة نشاط خدمي نافع للبيئة او المجتمع المحيط دون انتظار مقابل مادي او ادبي ، الا رضا المولي طبعا او نتائج إيجابية تعود بالنفع علي هذا المجتمع .

اسمع اصواتكم المتعجبة ؛ وما الجديد الذي قدمته ؟ يلا نعمل جمعية !

مهلا يا سادة – ولنتدارس الأمر نقطة بنقطة

- يتطلب انشاء جمعية خيرية مقر له تجهيزه الخاص ومتطلبات معينة، وقائمين علي أنشطة الجمعية يجتمعون دوريا ومعهم أدوات أعمالهم ليضعوا خططهم لأنشطة الجمعية ويتدارسونها ثم يضعون ذلك في مرحلة تالية حيز التنفيذ علي ارض الواقع مع تجمعهم في لقاءات دورية ليتدارسوا ما تم تنفيذه .

- مكان العمل يحتاج الي إمكانيات والتزامات بمن سيرعاه ويسير اعماله ، والاجتماعات واللقاءات تحتاج الي توفر الوقت والمجهود والمثابرة والتنسيق لإتمامها ، والكيان ككل يحتاج الي خطوات وإجراءات قانونية وبيروقراطية تزداد تعقيدا يوما بعد يوم .

- سننتقل من هذا المقر الي مقر افتراضي (اونلاين) نجري فيه كل ما نجريه من اعمال نقوم بها في المقر الاعتيادي مع اسقاط او تطبيق ما اتفق عليه وتم الاعداد والتخطيط له علي ارض الواقع مثلما يحدث في المعتاد دون أي تغيير او معوقات .

بل علي النقيض تماما سنجد ما يلي :

سهولة التجمع وابداء الآراء ومناقشتها دون معوقات مثل توقيتات التجمع واماكنه والمشقة التي يلاقيها المجتمعون مما قد يحول دون التزامهم بالحضور او التفاعل في النقاشات ، يكفيك ان تكون بالبيجامة وتحتسي قهوتك المفضلة وانت جالس تذاكر للأولاد او تناكف في المدام ! وفي ذات الوقت تدير الاجتماع بكل سهولة (اونلاين) وكأنك بين الحاضرين !

حلوة وسهلة – مش كده ؟

ستتمكن من تجميع اكبر عدد من الحاضرين في اقل وقت ممكن وسيكون لديك عدد من الأدوات التي تمنحك إمكانيات وصلاحيات إدارة اجتماع ناجح مثل : تستطيع توزيع جدول الاعمال او القرارات او اية مستندات تخص الحاضرين وحتي الغائبين منهم في سرعة وسلاسة بدون تكاليف إضافية ، سيمكنك تحديد المشاركين في النقاش من الحاضرين للاجتماع كمراقبين او الذين يودون الزيارة للمتابعة فقط دون ان يكون لهم تواجد رسمي او تدخل ، سيمكنك اجراء تصويتات علي أي قرارات بشفافية واضحة للجميع لن تسمح لأحد بالتشكيك في نزاهتها ، سيمكنك السيطرة علي الاجتماع دون ان يحدث فيه ما يعكر صفوه او يعيقه او يفسده من بعض المعيقين او أصحاب المزاج السيء ... الخ تلك المزايا.

الفكاك من أي معوقات بيروقراطية او روتينية تقتل كل طموح او امل في أي نجاح ، انت حر نفسك وسيد قرارك ؛ خطط ورتب وتشاور واقترح ، وحين تهم بالتنفيذ ستجد الف وسيلة ووسيلة لإنزال هذا الطموح من الفضاء الافتراضي الي ارض الواقع ، بل ستجد تهافت من الجميع علي التعاون معك وتخليص اية إجراءات تريدها ، كما انك ستجد قوة في تنفيذ ذلك المشروع المعد له مسبقا اعدادا جيدا في هدوء ورصانة .

ستشارك معك في انشطتك ومشاريعك طوائف وشرائح من المجتمع ما كنت تتوقع ان تشارك ، وما كانت هي لتحلم ان تجد تلك الفرصة وان كانت تتوق لها بشدة ؛ كالنساء بصفة عامة وخريجات التعليم بل وحتي الأطفال ! ، وستنفك عقدة مشاركة المرأة في المجتمعات الريفية او البدوية او النائية ، وستنحل عقدة المسافات البينية والتي تحول كثيرا دون مشاركتهم في اية فاعليات ، وربما ستجد من تلك الشرائح نشاطا وقوة لن تجده حتما في الشرائح التقليدية التي تشارك في هذه الأمور في رداء " كدابين الزفة " .

ستقل تكاليف الانفاق علي تلك المشاريع الي اقل حد ممكن مما سيوفر المال والجهد لمزيد من الأنشطة والتوسع فيما هو قائم .

قائمة الفوائد تطول وتتسع .

- سأضرب لكم امثلة لما يمكن ان نقوم به من مشاريع ضمن ذلك الاطار المبتكر ، مع العلم ان معظم تلك الأفكار موجودة ومطبقة بالفعل ، كأنها قطع فسيفساء متفرقة اذا انتظمت في تلك الصورة ستضحي افضل واكثر فائدة وفاعلية ، واليكم الأمثلة في المجال الشرعي والديني ، وما احوجنا حاليا الي تقويمه واستعادة دوره !

أ. يمكن عقد جلسات تحفيظ للقرآن الكريم اونلاين ، وهناك الكثير من البرامج التي يمكنها ان تقوم بذلك الامر (عمل ميتنج meeting ) مما سيسهل الامر علي الكثيرين ويوسع قاعدة التحفيظ والحافظين او الدارسين لكتاب الله ، قياسا علي ذلك ضع كافة العلوم الشرعية في ذات الخانة .

ب. يمكن عمل ندوات او لقاءات متعددة في أي مجال بكل اريحية ؛ فالاهتمام هنا سينصب علي تحضير ضيوف اللقاء أيا كان شكله ، اما الحضور ومكان اللقاء وتجهيزاته وتوقيتات اللقاءات ... الخ فكلها ستتم بأفضل ما يكون ، فضلا عن ان تسجيل تلك اللقاءات سواء في صورة فيديوهات او في صور مكتوبة او حتي علي هيئة برمجية سيزيد من قاعدة المستفيدين بشكل مطرد ، واكبر تجربة تدلل علي نجاح ذلك هي اكاديمية العلوم الشرعية (زاد) اونلاين التي انشأها خالد الثواب بإذن الله الشيخ المجدد عبد الرحمن المنجد.

جـ . فكرة انتشار المدارس الدينية (والتي نفتقدها حاليا نظرا لما نمر به من ظروف) لو تم تطبيقها اونلاين ستحل الكثير من مشاكلها سواء من ناحية التمويل او التعقيدات البيروقراطية او حتي النواحي الإدارية والتنظيمية ، فعلا ستعد نقلة نوعية كبيرة في مسار تلك المدارس العظيمة ودورها الهام ، وانا من هذا الموضع اعلن عن حجر أساس لمدرسة من هذا النوع واطلب متعاونين معي في هذا الامر (( لليوتيوب – برجاء اعلامي بمن سيتعاون معي في هذا الشأن من خلال التعليقات اسفل الفيديو ))

إلي غير ذلك من أفكار .

في المجال التعليمي .. نجد ان الامر يتسع ليجعل من الدور الخدمي الذي يمكن ان تقوم به الجمعية في مجال التعليم ونشر الوعي الثقافي أكثر رحابة وسهولة ؛ فالأمثلة علي المواقع الاليكترونية التعليمية والثقافية اكثر من ان تعد او تحصي ، وما علي الجمعية الا القيام بدور مشابه لها مع تخصيص التجربة حسب إمكانيات الجمعية والاهداف التي تسعي لها .

فمثلا : يمكن التنسيق اونلاين لمشروع يهدف الي محو الامية ورفع المستوي التعليمي للصغار من خلال توظيف طاقات العاطلين من الفتيات الخريجين من الجنسين ، بل وكل الشرائح التي يمكن ان تساهم في هذا الامر ثم تطبيق التخطيط والترتيب علي ارض الواقع بشكل يمكن تفصيله في موضع آخر .

من جهة ثانية يمكن عمل ندوات في أي مجال اونلاين وعرضها علي الأعضاء من خلال احد مواقع الفيديو او التواصل الاجتماعي وما اكثرها ، بل وحتي يمكن بثها بشكل مباشر في مواعيد محددة .

والمعين لا ينضب من أفكار في هذا المجال .

في المجال الطبي .. يمكن عمل ندوات في مجال التوعية الطبية مثلا اونلاين بإشراف وترتيب الجمعية ؛ يتم فيها استضافة المختصين ، كما يمكن عمل نشر لأي وعي ثقافي من خلال تلك الصفحة او الموقع ، كذلك يمكن كفكرة ذهبية استضافة احد المختصين المشاهير في أي مجال من خلال شات معين يرد علي أسئلة من يحتاج الي سؤاله بما لا يمكن لذلك المحتاج طرح تلك الأسئلة او الاستشارات في الواقع ، وقد تكلفه الكثير .

ومرة ثانية المعين لا ينضب من أفكار في هذا المجال .

وبصفة عامة الأفكار ستتوالد تلقائيا حول كيفية الاستفادة من الوسائل التكنولوجية والاتصالاتية الحديثة وعلي راسها الانترنت في انشاء مشروع خدمي جيد يمكن منه افادة المجتمع – أي مجتمع – بكل شرائحه ايما افادة .

فما الذي يعطلنا اذن ؟

يلا بينا نعمل جمعية !

 

 

 

الحدوتة الثامنة .. ألف باء اصلاح

لا ينقطع ظهور المحاولات الجادة لإصلاح عيوب المجتمعات في كل زمان ومكان، وغالباً ما تصدر عن ذوي همم عالية وجادة في مقاصدها، ورغم ذلك فأن كثير منها لا يحالفه الحظ في النجاح.

اعتقد ان المعوق الاساسي هنا ياتي من اهمال اصلاح قاعدة المجتمع وجذوره الشعبية والسعي لإحراز نتائج سطحية تمس الظاهر المجتمعي وتمثل القشرة بالنسبة للمجتمع؛ فاعتقادي الراسخ ان اية محاولة لإصلاح المجتمع يجب أن تبدأ من الطبقات الدنيا من المجتمع، سواء من الناحية الاقتصادية او الاجتماعية او الثقافية ....الخ، فمن خلالها وبها يبني الاساس الاصلاحي المغذي للطبقة المتوسطة التي هي بدورها عماد المجتمع.

أري أن هذا هو احد العمودين الاساسيين لأي اصلاح مجتمعي، أما العمود الاخر والذي لا يقل اهمية عن خليله السابق هو مراعاة الترتيب الصحيح لأولويات الاصلاح ومجالاته، فكثيراً ما كان سوء اختيار ترتيب تلك الاولويات سبباً رئيساً ومباشراً في هدم محاولة التغيير المجتمعي او تعطيلها او حتي تحجيمها علي اقل تقدير.

وفي رأيي أن الجانب الاخلاقي هو المجال المطلوب أخذه في الاعتبار الاول لدي اي مصلح؛ فبدونه لن تنجح اية محاولة للتغيير في اي مجتمع مهما كانت، وعليه؛ فانه يتعين علينا تفعيل الدور الارشادي والتوعوي للمؤسسات الثقافية والتعليمية والدينية، والأخيرة منها تكون في القلب من ذلك، حيث ان الدين في مجتمعاتنا الشرقية علي الاخص يلعب الدور الاساسي في اي تغيير بالمجتمع، وعليه يجب علينا مراعاة وترشيد الخطاب التوعوي الموجه من تلك المؤسسات الي المتلقين حتي لا نستبدل مجتمعاً بآخر متطرفا او نزقاً مثلا!

وعلينا الاهتمام اكثر بالفئات العمرية الصغيرة، مع عدم اهمال الفئات الاخري بالطبع لأنها مفتاح الفئات العمرية الصغيرة، ودورها واهميتها الخاصة بها في المنظومة المجتمعية ككل، لكن الاصلاح لن يتم اساساً الا من خلال بذل الجهود مع الاخيرة منها.

ثاني الأولويات أهمية في رايي هو الاهتمام برفع المستوي التعليمي ثم الثقافي او كلاهما يقف علي نفس الدرجة من الأهمية في الارتباط ببعضهما البعض؛ فالامة الجاهلة والامية لا امل لها في نهوض او تقدم، والعكس صحيح، كمثال علي ذلك النهضة في سنغافورة التي كانت دولة معدمة الإمكانات والموارد تقريباً، ذات شعب جاهل منحل فاسد، كان عنصري نهضتها هو الاستثمار في تنمية الانسان علميا واخلاقيا، وقد كان ذلك القاعدة الأساسية والاولي في نهضتها.

لنعلم يا سادة ان شعب متعلم ومثقف سيعلم حقوقه وواجباته وبالتالي يمكن توجيه الراي العام فيه لما ينهض بالمجتمع وينميه في كافة المناحي. يا سادة - بالعلم والايمان تبني الأمم وتخرج من اسفل دركاتها الي أعالي المجد والتقدم.

استكمالا لموضوع الإصلاح المجتمعي اطرح عليك عزيزي القارئ بعض الأفكار البسيطة وربما المبتكرة في ذات الوقت لتفعيل الجانب التوعوي في المجتمع سعيا لإصلاح ما به من خلل وعلل.

تاتي الفكرة الاولي في اطار استغلال الدور الذي تقوم به بعض الشخصيات ذات الوظيفة او العمل بالمجتمع الذي يتيح لها الاحتكاك بالأهالي علي اختلاف فئاتهم العمرية والثقافية والاجتماعية، ويتاح لهم بشكل اكثر من غيرهم طرح الأفكار الارشادية لأفراد المجتمع من جهة، ويتقبلهم افراد المجتمع ويتقبلون نصحهم وارشادهم بشكل تقليدي لما تعورف بين الأهالي علي تلك الأدوار لتلك الشخصيات من جهة اخري، ناخذ علي سبيل المثال:

- خطباء المساجد ورجال الدين في الكنائس، حيث لهم الاحتكاك بأكبر قدر وعدد من شرائح المجتمع وأيضا يجدون من اغلب افراد تلك الشرائح آذانا صاغية وتقدير واحترام كبيرين، ولا يخفي علينا ان ذلك الدور سلاح ذو حدين، وكثيرا ما استخدمه أعداء الوطن في أغراض ضد مصلحة اوطاننا أو لإفساد أبنائنا او عقيدتنا ومبادئنا، ولكن هذا لو احسن استغلال ذلك المجال بشكل جيد.

ولكي لا نسقط في دوامة البيروقراطية والتعقيدات المكانية والزمانية أري ان يتم طرح النقاش وتجميع المخلصين في هذا المجال والمستعدين للعطاء والتنسيق بينهم من خلال مواقع التواصل علي الانترنت وطرح الخطط ومناقشتها وتنسيق المواضيع الواجب طرحها مجتمعيا حسب ترتيب الأولويات، كذلك من خلال مواقع التواصل، ويمكن ان يتم هذا الامر كنشاط ضمن أنشطة الجمعية الاليكترونية أي التي تقام أنشطتها وفاعلياتها من خلال الوسائل الاليكترونية وعلي رأسها بالطبع عالم الانترنت وما يحويه من مواقع تواصل وأدوات متعددة، وقد اشرنا الي فكرة الجمعية الاليكترونية من قبل في حدوتة سابقة بعنوان "يلا نعمل جمعية".

ما ذكرناه آنفاً ينسحب أيضا ويمكن تطبيقه علي فئات أو شخصيات مجتمعية اخري مثل الاخصائيين الاجتماعيين والنفسيين بالمدارس وكذلك اخصائيو المكتبات ومعلمي التربية الدينية وحتي يمكن اشراك معلمين اخرين مثل المجالات الفنية والتربية الرياضية، اقصد من ذلك انهم جميعا – وبالطبع بدرجات متفاوتة وبتاثير وأساليب ورؤي متفاوتة ايضاً – لهم مجال للاحتكاك بالتلاميذ والطلاب وتقديم النصح والمشورة اليهم، وايضاً يتمتعون بتاثير نوعي كبير علي التلاميذ ربما يفوق في بعض الأحيان دور وتاثير الوالدين، من جهة اخري تعتبر تلك الشخصيات موثوق فيها ومعتمدة من قبل أولياء الأمور الي حد كبير جداً وذلك لأن تلك الأمور الارشادية هي المجال التقليدي والطبيعي لعمل تلك الشخصيات وبالتالي لن تجد في الغالب أي اعتراض او مقاومة من أولياء الأمور وربما وجدوا منهم تعاوناً، وعليه فان دور تلك الشخصيات هو دور مكمل ومعين لدور الاسرة في تربية النشئ وحل مشاكله النفسية والتربوية.

اما الفكرة الثانية للإصلاح المجتمعي تاتي في اطار محو امية طبقات المجتمع الفقيرة والتي هي بدورها المنبع الأول المغذي للطبقة المتوسطة عماد المجتمع الاقتصادي والاجتماعي والسياسي، حيث نطرح بعض الأفكار الغير تقليدية والتي ربما تساهم في رأب الصدع في هذا المجال.

- هناك الكثير من الطاقات والكوادر المعطلة في المجتمع والتي يمكن ان تسهم بشكل فعال في محو امية افراده وفي كثير من الأمور الأخرى المفيدة، امثلة وليس حصراً طلاب الجامعات وخريجيها وطلاب التعليم الفني والمتوسط وخريجيه وبخاصة الفتيات في كليهما؛ حيث ان لديهم القدر الكافي من التعليم لإستغلال طاقاتهم في محو امية المجتمع، وذلك من خلال تنظيم جهودهم والتنسيق بينهم وبين متلقي التعليم من خلال آليات معينة تتيح الحصول علي افضل النتائج في اطار محو امية أبناء المجتمع او حتي تحسين مدي جودة القراءة والكتابة بينهم علي اقل تقدير.

ويمكن ان يساهم في تنظيم هذا العمل والاشراف عليه المحالين للتقاعد من المعلمين او حتي من لديه الوقت او الجهد لذلك من الموجودين بالخدمة، صحيح انهم ليسوا بقدراتهم السابقة في التدريس ليقوموا بالامر لكن مؤكد لدي الكثير منهم القدرة والخبرة علي التنظيم والتوجيه علي الأقل.

- يمكن تفعيل مبادرات ومشاريع للدولة قد تكون غير منظمة او غير مفعلة بشكل يؤتي النتائج المرجو منها مثل مشروع محو الامية، مشروع القرائية بالمدارس والخاص بتحسين مستوي القراءة لدي الطلاب، ويمكن فيها الاستعانة بالجميع وكأنه مشروع محلي شامل للقضاء علي الامية في المجتمع المحيط، ويكون علي هيئة مبادرات محلية غير مرتبطة بالانشطة والتوجيهات الحكومية البيروقراطية بحيث تؤتي الثمار المرجوة دون تلك التعقيدات، ويشارك كما ذكرنا فيها الجميع حتي صغار الطلاب من النابهين والذين لديهم الاستعداد، وسنجد منهم الكثير.

 

 

 

 

 

 

الحدوتة التاسعة .. فن ادارة المعركة - علي تزو

"سن تزو وو" اسم يتربع بين اساطين المؤلفين في مجال التخطيط والاستراتيجيات علي مدار تاريخ البشرية ككل، يمكنك التعرف - عزيزي القارئ – علي فضله ومكانته وتاريخه من الويكيبيديا، لكني ساكتفي بالقول أنه ارتقي بمكانته وبفضل علمه وخبرته في مجال التخطيط الاستراتيجي من مجرد جندي عادي الي قائد جيوش مملكة "تشي" الصينية ويتمكن بعدها من اخضاع الممالك الاخري لحكم امبراطور الصين، وأخرج لنا واحد من أفضل - ان لم يكن الأفضل – كتب التخطيط الاستراتيجي في تاريخ البشرية والذي نهل منه كل الكتاب والمبدعين في سائر الفنون والمجالات ولا زال يحدث حتي وقتنا الحاضر، ويعد كتابه "فن الحرب" افضل واعظم ما كتب في مجال التخطيط وفنون الحرب والتفكير الاستراتيجي في كافة العصور.

وعلي نهج ذلك الكتاب المبدع أسوق مقالتي تلك وان كان ما بها لا يرقي لإبداع وجمال محتوي كتاب "فن الحرب" من أفكار وحكم، لكنه يسير علي نفس النهج من حيث ذكر نصائح متفرقة تساعد الغير علي قدر المستطاع- علي التغلب علي ما قد يواجهونه من صعوبات حين يحولونها الي ما يشبه المعارك وان عليهم الانتصار فيها، أتمني علي من يقرأ تلك النصائح ويستفيد منها الا ينساني من الدعاء لي بظاهر الغيب – اللهم استجب!

أترككم مع تلك النصائح :

- راجع قدراتك دوريا وتلمس دائماً نقاط ضعفك وحاول قدر استطاعتك تسديدها ومعالجتها.

- حتماً سيكون لك نقاط ضعف فاجعل جزء منها يكون مكشوفاً للجميع لا تعالجه ولكن جهز العلاج لها، فحين تدخل في نزاع مع احدهم سيبحث عن نقاط ضعف لك حتماً، حينها اجعله يجد تلك النقاط التي حددتها لنفسك وجعلتها معروفة عنك للجميع، طالما تستطيع التغلب عليها.

- اشغل خصمك دائماً بمشكلات كثيرة ولو صغيرة او بسيطة تستنفذ قواه وتشتت تفكيره وتحجم قدراته علي مواجهة تلك المشكلات البسيطة، وحين تضربه الضربة القوية لن يقوي علي مقاومتها.

- اشتري كل من حولك وسيطر عليهم؛ اما بالاحسان وحسن المعاملة والحب، أو بالمال باغداقه عليهم، او بالترهيب بجعله يخاف من قوة ما لديك وان كانت وهمية، وان احتاج الأمر اظهر له قوتك بضربة موجعة سريعة سواء له أو لغيره تجعلك مرهوب الجانب لفترة طويلة، ولكن حذار أن تستخدم هذا الأمر فيما يغضب الله أو ظلم العباد لأنك وقتها ستكون خصماً لله وفي هذه الحالة انت خاسر لا محالة.

- حين تريد اقناع خصمك بشئ غير حقيقي ردده انت نفسك واقتنع به علي انه حقيقة فسيكون أسهل عليك وقتئذ اقناع الغير به.

- أقلل من عدد خصومك قدر المستطاع وحاول حل مشاكلك باقل مجهود أو بدون صعوبات، فان كان ولا بد من التصدي للجميع فلا تحاول فتح كل الجبهات في آن واحد بل فردها وابدأ ضرباتك بأقواها.

- حين يتكاثر عليك الخصوم فاستخدم لذلك عدة تقنيات :

الأولي؛ استخدم قاعدة فرق تسد، فلا يتحدون عليك مع بعضهم البعض، وافضل لك ان يتحدوا أو يتحالفوا مع آخرين لا يوجد بينكم خصومة من ان يتحد خصومك ضدك حتي وان كانت المحصلة واحدة وهي ان كل خصم يزداد قوة في كلا الحالتين، لكن في حالة اتحاد خصومك مع آخرين غير خصوم لك أخف وطأة.

الثانية؛ لتجعل خصومك- ان استطعت- يستنفذون قوتهم في صراعات فيما بينهم فهذا يقلل من وطأتهم في صراعهم ضدك، ولا مانع أن تتحالف أنت مع بعضهم ضد الآخرين ثم تعود اليه لاحقا من باب "تنظيف الساحة من صغار الخصوم" واعلم ان حليفك الجديد (خصم الأمس) يفكر بنفس المنطق، فكن مستعدا للحظة المواجهة معه بعد تنظيف الساحة من الصغار.

الثالثة؛ اشغل خصومك بمعارك جانبية وهمية تستحوذ علي جزء من مجهودهم أو تفكيرهم علي الأقل وانفرد أنت بأقواهم ثم الأقل قوة واجعل أقلهم قوة بمثابة "الترفيه" لك في النهاية.

الرابعة؛ هون من قوتك أمامهم حتي ينشغلوا عنك بأنفسهم من باب "القضاء علي الخطر الأقوي أولا" وغالبا لن يقترب منك الا الضعفاء من الخصوم الذين يرغبون في تحقيق مكاسب وهمية، وقتها اسحقهم بلا تردد وحافظ علي قوتك للأقوياء.

الخامسة؛ استقطب من الخصوم الي صفك من تستطيع وحولهم الي حلفاء أو اصدقاء، فالحلول السلمية أفضل وأرقي بكثير من الصراع والمعارك حتي وان تطلب ذلك منك بعض التضحيات أو التنازلات.

- انتقي خصومك ولا تهون من نفسك بصراع من هم دونك في القوة أو المكانة.

- يقسو علي نفسه كل من يرحم عدوه؛ فلا ترحم خصما لا تأمن تكرار شره.

- العفو شيمة الأقوياء والعظماء، ولكن اياك ان تعفوا قبل ان تستطيع الوصول فعليا لحقك فذلك ضعف وتخاذل.

- تعلم واجد فن الخداع والمناورة وأوهم عدوك بما ليس فيك (ولاتجعله يقف علي حقيقة أمرك) حسب احتياجاتك؛ فان كنت غير مستعد للقائه أوهمه بضخامة قوتك وان كنت جاهزا له أوهمه بضعفك لتغريه بمهاجمتك وساعتها سيكون في اضعف حالاته.

- البادئ في الهجوم دائماً في موقف أضعف إلا اذا كان هجوما غير متوقع من قبل خصمه فحينئذ تنقلب الآية.

- اذا ضربت فاوجع واجعل ضرباتك سريعة ومتتالية حتي وان كان ذلك علي حساب قوتها، المهم ألا تدع لخصمك فرصة تطوير هجوم مضاد أو يأخذ زمام المبادرة في شئ.

- لكل شئ اذا ما تم نقصان، ولكل قوة مهما بلغ شأوها نقاط ضعف، فكل ما عليك عزيزي المقاتل أن تبحث بدقة عن تلك النقاط وتضرب عليها بكل قوة ليكون ذلك سبيلك لكسر خصمك وكسب معركتك.

- استكمالا للنقطة السابقة؛ لكل مشكلة مهما بلغت حل وربما حلول موجودة بالفعل، وكل ما عليك هو البحث عن تلك الحلول (الموجودة بالفعل).

- لا تهون من قيمة خصمك وتوقع منه الأسوأ أو الاشد ولا  تنتظر منه شفقة أو ليناً.

- كن دائماً الطرف الأقوي في أي تنافس أو صراع أو أي معادلة من أي نوع، وتذكر دائماً (أنت تضمن أنك لن تظلم الغير لكن لا تضمن عدم ظلم الغير لك) فاجعل دائماً خيوط أي أمر في يدك ولا تثق في أي أداء غير أداءك انت.

- النفس ورغباتها وشهواتها جميعاً مثل حصان جامح؛ طالما أنت مسيطر عليها بقوة وكابح لها ستصل الي مبتغاك كما يجب، وان افلت الزمام منك ولو قليلا فذلك كفيل لإيرادك المهالك.

- حين يتكلم اللسان يسكت العقل؛ فاجعل لعقلك الفرصة الاولي في الحديث، واجعل الكلمة تدور في عقلك قليلاً قبل أن ينطقها لسانك، وكلما قل حديثك قلت اخطائك.

- في المناقشات او المعارك الكلامية؛ أعط نفسك دائماً فرصة المناورة بحيث لا تحاصر في قرارات عفوية غير مدروسة، بل اعط نفسك دائماً خط رجعة مهما كنت واثقاً من موقفك ومنطق تفكيرك وحديثك.

- استكمالا للنقطة السابقة؛ في أي أمر تقدم عليه اعط نفسك مجالا للتراجع والمناورة ولا تثق بقدرتك علي النجاح بشكل مطلق مهما يكن، بل ضع احتمالات الفشل نصب عينيك ولو بنسبة ضئيلة؛ فالنجاح لن يضيرك لو فاجأك بعكس الفشل.

- من باب تسديد ومعالجة نقاط ضعفك؛ لا تفعل في السر ما تخشي منه في العلانية، وان كان لك خطأ ما يعرفه شخص محتمل تحوله لخصم لك فعليك بالمثل، أي تعرف عنه ذلة له تساومه بها وقت أن يساومك علي ذلتك في أي وقت.

- علي عكس ما يقال؛ تتبع ذلات الآخرين من باب المعرفة لوقت قد تحتاجها في معركة معهم، ولكن حذار وحذار ثم حذار أن تستغلها فيم يغضب الله والا فلتتحمل وطأة الخصومة مع رب العباد جل وعلا.

- قبل الدخول في أي أمر سواء منافسة أو غير ذلك راعي ما يلي:

أولا.. تيقن أنك في الجانب الصحيح والخير من الأمر، وان لم يكن خيراً ظاهرياً فعلي الأقل تكون أهدافه خيرة ونهاياته تفضي الي خير.

ثانياً.. استفد من قاعدة "التدريب في السلم يوفر ويقلل الخسائر في الحرب" فحاول التدرب علي المواجهة وتصور السيناريوهات المحتملة لها وطرق مواجهتها قبل المواجهة الفعلية.

ثالثاً.. جهز كل أدواتك التي ستحتاج اليها في المواجهة قبل الدخول في المعترك قدر المستطاع، ولا تعول كثيراً علي الظروف المواتية أو الحظ الجيد.

رابعاً.. ادرس خصمك (سواء شخص اعتباري او موضوع) بشكل جيد وكامل وحدد نقاط الضعف التي ستضربها بعناية، وبالطبع حاول أولاً أن تزيل الخصومة بشكل سلمي ولكن بالطبع بدون الاضرار بحقوقك (أي لا تستعجل المواجهة)، فإن عزمت علي الضرب فاختر بعض النقاط التي ستضربها وادخر الباقي لوقت لاحق، ومع تركيز قوة الضرب لا تنتقل من نقطة ضعف الي نقطة اخري قبل ان تنتهي من الأولي وتستنفذها.

- أقوي ما في الإنسان هو العقل؛ فصاحب العقل والحكمة يتغلب علي كل ما سواه، وسيف العقل هو العلم والخبرة، فاحرص علي الاستثمار في عقلك وعلمك ان ابتغيت القوة المطلقة معك.

- تعامل "حسب ظروف معركتك" بمبدأ رياضة الجودو؛ الا وهو استخدام نقاط القوة لدي الخصم في هزيمته، فقد تجد فيها ما يمكنك من هدفك ان احسنت استخدامه.

- أقوي سلاح هو العقل وأهم ادواته هي المعرفة؛ فاحرص علي تزويد أقوي اسلحتك بأهم ادواته.

- تعلم أسلحة كل من:

القرد.. في مفاجآته وعدم توقعه، في سرعة مناوراته والقدرة علي سرعة تغييرها او تغيير اتجاهاتها، في اندفاعاته الشجاعة عند الهجوم لحد التهور أحيانا، فلا تستقيم الشجاعة مع التردد في رأيي.

المرأة.. في استخدام وإظهار ضعفها واستكانتها لتهدأ فورة خصمها، في عمق ترتيبها وهدوئها أثناء التخطيط.

الثعبان.. في نعومته وانسيابية حركاته، في هدوئه وصبره علي فريسته أثناء تربصه بها، في مثابرته علي تحقيق هدفه.

 

 

الحدوتة العاشرة .. عندما يحيض الرجال!

معلوم ان الاصابة بديدان البلهارسيا يؤدي الي نزيف بالامعاء يخرج من دبر الانسان (اعزكم الله)، وكان القدماء يطلقون علي ذلك النزيف المرضي "حيض الرجال" حيث كانوا يعتقدون انه يشبه اعراض الحيض الذي يعتري النساء فيما يعرف بالـ "عادة الشهرية". لكن ما اقصده هنا بـ "حيض الرجال" هو اندثار الرجولة والنخوة والشهامة فيهم ، واضحت صفات قليل من يتصف بها من بيننا حيث اصبحت الاستثنناء في الاجيال الحديثة منها في مقابل صفات التخنث والانانية والانتهازية (ولا اريد ان اقول والانحلال الخلقي لكي لا يغضب مني البعض) بحيث اصبحت تلك الصفات الحميدة الفاضلة من الماضي غير الموروث، واضحي من يتصف بها حالياً يوسم بالغفلة والسذاجة وصار مثاراً للتجهيل والسخرية وكأنه من كوكب آخر.

لا شك عندي ان انسلاخنا من تقاليدنا واعرافنا واخلاقنا التي حفرت مكانتنا بين الشعوب قديما يسير وفق منهج ومخطط مدروس ضمن اطار حرب فكرية وثقافية ضروس تتعرض لها المنطقة العربية باكملها منذ عشرات السنين ولن اتجاوز كبد الحقيقة ان قلت بل مئات السنين، ولكنها اخذت الشكل التنظيمي الفعال والناجع منذ بدايات القرن التاسع عشر فيما عرف بعصر "النهضة العربية" او لنكن محددين اكثر منذ قدوم الحملة الماسونية، اقصد الحملة الفرنسية علي الشرق مطلع القرن التاسع عشر، هي لم تكن غزو سياسي بهدف الاستعمار ونهب ثروات الشعوب بقدر ما كانت وسيلة لغزو ثقافي وفكري شرس ومكثف يهدف الي تدمير ركيزة القوة من الموروث الثقافي والفكري والعقدي التي يستند عليها شعوبنا العربية والاسلامية في مقاومة كل محاولات الغزو والاستعمار.

لقد نجح ذلك الغزو البشع فيما لم ينجح فيه الغزو الفكري والسياسي في تخريب موروثنا الاخلاقي الذي كان يحفر لنا مكانتنا وتقديرنا بين الشعوب ويجعلنا مصدر ثقتهم واحترامهم لفكرنا فاضحينا في اعينهم جماعات من الهمج والمتخلفين حضاريا ضعاف العقول ضحال الفكر والعلم، لا مبادئ لنا ولا قيم نتمسك بها عدا القليل الذي نتشدق به ولا نؤديه، بعد ان كنا لديهم معلمين وهادين وقادة حكماء يرون فينا املاً في نهضة وحياة افضل.

كذلك نجح ذلك الغزو في تدمير موروثاتنا الثقافية والاجتماعية والتي كانت تكسبنا القوة والقدرة علي المقاومة والتطور وفهم الواقع من حولنا؛ فاضحت الرجولة والفتوة غلظة وجلافة، والتخنث والميوعة تمدن ورقي، وصارت العفة والحشمة لدي النساء رجعية وبدائية والعري والفجور تحضر وانفتاح، استبدلت الامانة والثبات علي المبدأ بالتلون والانتهازية، والصدق بالكذب، والوفاء بالخيانة الي اخر تلك المتناقضات، وكأننا نقف أمام مرآة نري فيها انفسنا معكوسين !

انني لا اوجه لومي وسهامي بالاساس الي تلك الشعوب التي تصدر لنا ذلك التخريب بل وتحاول ان تفرضه علينا فرضاً بحجة تطويرنا ومساعدتنا بكافة اشكال القهر والظلم، فأنا اعلم يقيناً ان تلك الشعوب هي ضحية تخريب مثلنا من قوي الشر الماسونية، وقد سبقتنا الي الانحراف والانهيار، وتستخدم حالياً كمعاول وادوات هدم لحضارتنا وقيمنا باعتبارها المدافع المتبقي عن القيم والمبادئ الانسانية التي تحاول قوي الشر حالياً تدميرها وتجد فينا اقوي اعدائها وعلي راس مقاوميها وفاضحيها.

الا ان ذلك لا ينفي واقعاً مريراً وهو ان تلك الشعوب بثقافاتهم الضالة المضللة هي العدو الظاهر، وعلينا ان نسير علي درب مقاومتهم في اتجاهين رئيسيين:

الاول هو رفض كل اشكال القهر الفكري والتغريب الثقافي الذي يحاولون فرضه علينا واجبارنا عليه، والطرق كلها مفتوحة امامنا لنسلكها في سبيل هذا الجهاد المقدس.

والثاني هو محاولة انقاذ تلك الشعوب ذاتها من ذلك الدمار الفكري والثقافي ولكي لا يكونوا العوبة في يد تلك القوي الظلامية من جهة او يكونوا معاولهم لهدم صروح المبادئ والقيم الحضارية الموروثة لدينا والتي هي الضمان الوحيد لمقاومة ذلك الغزو الغاشم.

لتسد من جديد بيننا (ثم بينهم لاحقاً) مفاهيم الجهاد بمعناه الشامل والواضح، وقيم العدل والمساواة والاخلاقيات والمثل التي كانت مصدر سيادتنا وتميزنا بل وقوتنا سابقا، ولتقم الشعوب ذاتها علي امر تنفيذ ذلك الامر العظيم من خلال تجمعات العمل الاجتماعي والتطوعي ايا كان شكلها وتنظيمها، ولا تركن الشعوب الي قيام حكوماتهم بتنفيذ تلك الامور لأنهم بشكل ما لن يستطيعوا او حتي يريدوا – وكل لبيب بالاشارة يفهم!

يا سادة..

لن يتم الامر الا ببناء الاساس الاول للمجتمع الا وهو الاسرة، وهذا بدوره لن يتم الا اذا توسد كل فرد فيه او لنقل كل ركن فيه الدور المنوط به سواء اصادف ذلك هواه ام خالفه، فالمرأة دورها بناء المنزل واقامة وتثبيت دعائمه وبنيانه ليفرخ صانعي النهضة للأمة، ولتتخلص من عقدة تقليد الرجل ومحاولة الاستحواذ علي دوره وصورته المجتمعية ظناً منها انها مصدر السيادة والقوة لها، وعلي الرجل بالمقابل ان يتخلي عن فهمه الخاطئ للقوامة وانها استعباد وامتلاك لكل ما حوته جدران بيته، فهو ان اراد كبد الحقيقة فدوره لا يعدوا كونه خادما لأهل بيته، وربما كان فهمه الخاطئ للقوامة هذا سبباً مباشراً في انحراف فكر المرأة وسعيها لإستعادة حقوقها التي سلبها اياها الرجل في مجتمعاتنا الذكورية بشكل سئ اضر بكافة اطياف المجتمع وبدورها المنوط اليها من خلاله.

 يا سادة..

ليعلم الجميع انه لا قيادة للنساء - الا اذا حاض الرجال .

 

 

 

 

الحدوتة الحادية عشر .. وتعود للرق برغبتها

حقاً ما اعجبكن!

متعارف عليه أن الانسان بطبيعته يميل الي الحرية، ويعشق ذاته (بدرجات متفاوتة) ويرنوا دائماً الي تكريمها ورفع شأنها، لكن ما يحدث مع ومن الجنس الناعم له شأن آخر!

كيف؟

معلوم ان استرقاق النساء كان قديما يتم طمعاً في اجسادهن؛ فيحدث أن يطمع المرؤ في جمالهن فيرنوا الي اخضاعهم للتمتع بالعلاقة الـ "حميمية" معهن، ويحدث أن يعتبرهن البعض بمثابة "حيوانات حقلية" تستخدمن لتأدية الأعمال الروتينية وربما الشاقة في بعض الأحيان حتي تتحولن الي آلات بشرية وتموت فيها ومعها الميزات الأنثوية التي حباها الله بها وفضلها بها عن الرجل، وفي كلا الأمرين يحدث قاسم مشترك؛ في شقه الأول اخضاع المرأة لم لا ترغبه أو تطيقه بما يشكل نوعاً من القهر والاستعباد، وفي شقه الثاني استخدام الجسد كوسيلة لهذا القهر.

هنا يبرز دور المنطق بنصيحته التلقائية " فلتحمي وتستري ذلك الذي يمثل المطمع فيك، ولتجعليه رمزاً لعزتك وتمسكك بكرامتك وحريتك، وعليه فاسباغ الستر و التعفف علي جسد المرأة ومقاومة اي محاولات لهتك ذلك الستر هو الف باء التفكير العقلي المنطقي، ولكننا نجد من شقائق القلوب ونصف الدنيا ما يجعل المنطق ينتحر وهو في قمة اندهاشه!

كل الشرائع وكل الفضائل تنادي بستر جسد المرأة وعفتها، وكلها تحذر من مخاطر ذلك التبذل وما يتبعه من تحلل علي كيان المجتمع ككل وتفككه، وتنادي بهذا الشئ ليس من باب القهر للمرأة او حداً من نوع ما من الحرية بالنسبة لها او انتقاصاً من حقها في الاختيار والتعبير عن رايها، ولكن من باب التكريم والتبجيل لها، بل وضعتها في بعض الاحيان في مراتب اعلي واجل من قدر الرجل وكيانه في المجتمع، كمثال لذلك ما نجده في الثقافات الشرق آسيوية بخاصة الثقافة الهندية، ونجد تصوير الشرائع السماوية الثلاث لشكل المرأة ومقامها ودورها ما يرقي احيانا الي مرحلة التقديس كما نجده في الشريعة الاسلامية المحمدية.

ولكن العجب وكل العجب ان نجد المرأة ذاتها (صاحبة الحفلة كما يقال في الامثال) هي من تكافح لكشف سوءتها والتي هي علامة وسبب استرقاقها في ذات الوقت، وتحارب بكل ما تملك من قوة لهتك سترها وحرمتها التي هي بالاساس مصدر عزتها وسيادتها، ورمز علو مكانتها وشأنها بالمجتمع، وكأنها تحن الي الاسترقاق وتعشق قيود العبودية في نوع عجيب من المازوخية وضعف القدرة العقلية!

هل تحنين سيدتي الملكة الي حياة الحرملك حيث تمكثين في انتظار استباحتك من الرجل وقتما يشاء وكيفما يشاء؟ فترحبين بوضع ذات القيد القديم في رقبتك والذي حررتك منه الشرائع والفضائل واضحيتي تلحين لوضعه بيديكي ؟

لقد كنتي في مرحلة من الازمان مجبرة علي تلك الحياة، اما اليوم فانتي من تقدمين نفسك لقمة سائغة لكل افاك اثيم باسم ما خدعوكي به واطلقوا عليه (الحرية) فيلوكها بتافف ويمتص حلاوتها ثم يبصقها في بقعة قذرة، ولم لا والمعروض كثير ورخيص ويزداد كثرة ورخصا مع تزايد دعوات "التحرر" والتحضر المزعومة.

لتعلمي ايتها السيدة/العبدة والمليكة/المملوكة انكي تذلين قدرك وتهونين منه حينما تكشفين رمز عزتك وقوتك لكل خوان اثيم، كمن يكشف قطعة الحلوي القيمة فيتهافت عليها ويلتصق بها اقذر الحشرت ثم يشكوا بعد ذلك انها اضحت موئلاً للأمراض وعاراً علينا التخلص منه في اقرب سلة قمامة!

سيدتي الجميلة..

حشمتك ووقارك سر قوتك وعلو قيمتك في المجتمع، الجمال نسبي حقاً بين البشر ولكن في كشفه المبتذل لكل من يستحق ومن لا يستحق يضحيه رخيصاً هيناً ويفقده قيمته التي يستحقها، لن احدثكي عن كم المصائب والكوارث التي يجلبها ذلك التبذل علي مجتمعك بما فيه من احباب واقارب لك وتكونين بذلك سبباً في هلاكهم وضياعهم سواء بشكل مباشر او غير مباشر، ولكنني اذكرك بحريتك وكرامتك التي تتنازلين عنها طواعية وانتي مغرر بكي بشعارات لا تقنع صغار الاطفال بصحتها، وكأنك تفرين خارج قفص الرق والعبودية لتدخليه من باب آخر!

كما ذكرت لكي الجمال نسبي ويتخذ صور شتي منها جمال الشكل وهذا الصنف من الجمال ان لم تزينه العفة والحشمة فتطيل امده وتزيد نضارته ورونقه وقيمته فسيغدو تسلية لأقذر الحشرات، ولن يقربه غيرها!

اللهم اني قد بلغت.

 

 

 

 

الحدوتة الثانية عشر .. من منا الفقير ؟

بتحركي بواسطة كرسي متحرك في الشوارع واعتمادي عليه بشكل كامل في تنقلاتي واموري الحياتية، اعتدت علي التعرض للكثير من المواقف الطريفة، بعضها محرج واغلبها مثير للضحك والمرح، فأجدني مقصداَ للأطفال يسألوني عنه كسيارة صغيرة ممتعة وجاذبة لهم، وبعضهم قد يحاول ان يجاريني في حركتي جرياَ بالقرب مني وكأنه يثبت لنفسه ولي انه أسرع من هذه السيارة (الموبايل!).

ما أجمل الطفولة والأطفال!

وقد أجد من يضم الي يده في تكتم بمبلغ من المال كصدقه، ظاناَ في مظهري الفقر والعوز، برغم ان سعر هذا الكرسي ربما يفوق سعر بعض السيارات، ولكن لأنه غير مشهور او منتشر اقتناؤه في مجتمعي فانه يظن فيه بعوز صاحبه. الي هنا فالأمر طبيعي ولا غريب فيه، لكن ما حدث لي في ذلك اليوم هزني بعنف وجعلني أفكر بعمق شديد واعيد حساباتي وتقييمي لكثير من الأمور من حولي.

كنت اسير (بسيارتي القزمة) كالعادة عندما صادفت تلك العجوز البائسة تقبع في اثمالها علي قارعة الطريق وقد حني الوهن جسدها وبدا الألم من الامراض التي بها علي قسمات وجهها وكانه منحوتة العذاب والفقر لأكبر المثالين العالميين، وجه يستحيل ان تطالعه عيناك دون ان يرق له قلبك وتهب لنجدته وعونه بكل ما تملك.

اقتربت منها بيد مضمومة علي ما يسر الله لي بالتصدق به عليها علي قلته، طالعتني بعينيها في شفقة وقد رسمت ابتسامة واهنة علي وجهها قائلة "مسامحاك ياولدي، مسامحاك، انت برضك محتاج زيي، والله يا حبيبي مسامحاك"!

يقشعر بدني كلما أتذكر تلك الكلمات الحانية من تلك العجوز الغارقة في العوز والفاقة والاحتياج مع إصرارها علي عدم اخذ شيء مما في يدي ظناَ منها باحتياجي اليه، ومازال صوتها يدوي في عقلي واذناي "والله يا حبيبي مسامحاك". أي مجتمع هذا الذي يترك من مثلها لتلك الحالة البائسة دون ان يمد لها يد العون ولو بالقليل؟ وغيرها ممن في مثل حالها الكثيرين.

كم نجد ممن يقتنون وينفقون في كل ما هو سفيه سخيف في مجتمعنا ثم تقف أيديهم عند تلك الحالات الإنسانية شحيحة ضانة وبخيلة؟ هل يمكن وصفهم بالبشر اصلاَ؟ وهل يمكن لمجتمع مثل هذا ان ينهض من كبواته او يزيل الله عنه أي بلاء؟

بربكم، من هنا الفقير؟ هذه البائسة التي تجود بما لا تملك؟ ام تلك الكائنات التي تضن بما تملك؟

السؤال لكم، والاجابة لكم ايضاَ.

 

 

 

الحدوتة الثالثة عشر .. هل نحن حقا امة بين الأمم ؟

مازالت الشوفونية والنرجسية تتملك عقولكم يا أبناء وطني العربي والإسلامي، وبخاصة العرب منكم، وما زلتم تتشدقون يا من تتسمون باسم المسلمين – والإسلام منكم براء – بالآية الكريمة "كنتم خير امة أخرجت للناس" صدق الله العظيم وكأنها انزلت لوصفكم!

فهل نحن اصلاَ امة بين الأمم؟

صدقوني اكاد اجزم بان اجدادنا ممن صنعوا تاريخ العالم وحضارته في القرون الوسطي منذ صدر الإسلام وهم من عدتهم البشرية – وعن استحقاق – هداة الإنسانية وقادتها الفكريين والحضاريين، أن احوالنا وسيرتنا اليوم ستصيبهم بالخزي والعار منا، وربما تبرأوا من نسبنا وظنونا دخلاء محتلين لأراضيهم وقد أبدنا نسلهم وسكنا ديارهم.

لأضرب لكم امثلة مختصرة علي صدق زعمي وتدليلا على صحته، ليكن مثالنا الأول هو مدي تمسكنا بديننا مصدر عزتنا وقوتنا ورفعة حضارتنا، اين نحن من الإسلام والتمسك بشعائره؟ دون الدخول في تفاصيل يعلمها القاصي والداني هل نحن على ما كان عليه آباؤنا الأول في صدر الإسلام؟

هل نتمسك بحبل الله كما امرنا الله ضمن أوامره التي امرنا بطاعتها ونتجنب ما نهانا عن فعله؟ ام العكس؟

وماذا عن القيم والمبادئ والمثل التي حفرت مكانتنا في صدارة الحضارات علي مر التاريخ الإنساني، كهداة مهديين وعلماء معلمين ولأبناء الأمم الأخرى مصلحين ومؤدبين، هل لا زالت تعيش بيننا؟ يعلم كل جيل فينا ان منحني التمسك بأخلاقنا وقيمنا التي توارثناها ينحدر بشكل متسارع جيلاَ بعد جيل، حتي اضحي كل جيل لا يري في الاحدث منه الا كل انحلال وتفاهة وجهل ولا يشتم فيه ريح اصلاح باي حال من الأحوال.

لقد أرسل ملك فرنسا ابنته الي قصور اعدائه اللدودين من ملوك الاندلس المسلمين (واشدد على كلمة ملوك) لأنهم لم يكونوا بالقدر الكامل للالتزام بتعاليم الدين، ورغم ذلك كانوا من العلم والسمعة الطيبة والتقدم الحضاري بحيث ارسل اليهم عدوهم ملك فرنسا بأعز ما لديه لكي تعيش أجواء الحضارة والرقي وتنهل ما يجعلها سيدة متحضرة راقية تبز اقرانها وتكون جديرة بالملك والحكم لهم، ناهيك عن كونه ارسل (فتاة وليس فتي) قد تجلب له عاراَ مما يدل علي ثقته في اخلاقهم وصونهم للأعراض والامانات.

من يمكنه ان يكرر ذلك الفعل حالياَ مع أي دولة من شراذم دولنا واشباهها؟ ولمن يتحجج بضعفنا العلمي عمن حولنا مما لا يغري بتكرار ذلك الفعل في عصرنا هذا، افلا يكفي وجود كافة المقدسات لكل الأديان لدينا لتكون سببا لتكرار الامر؟ ام ان الحج الي بلادنا يكون لأجوائنا ونسائنا فحسب!

اعلم ان كلامي موجع – قرائي الاحباب – ولكني هنا ليس لأجاملكم واردد على مسامعكم الاباطيل التي اعتدنا ترديدها حتى صدقناها وتمادينا في تصديقها حتى عايشنا اوهامها فاضحينا كمن يري المراعي والشلالات في نظارة للواقع الافتراضي وهو يسكن الصحراء! بل ان قلمي استخدمه لتبصرتكم بل ووخزكم -ان لزم الامر– لتستفيقوا من غفلتكم واوهامكم لتروا واقعكم الحقيقي وتفكروا بعد ذلك في كيفية تغييره وتشرعوا في ذلك، حتى وان كان هذا الوخز مؤلماَ أو صادماَ.

نعم يا احباب، لسنا ولو مجرد امة تحتسب بين الأمم ولا نمت لماضينا بأدنى صلة.

 

 

 

 

الحدوتة الرابعة عشر .. كيف تدمر امة ؟

قرائي الأعزاء.

أثراء للمحتوي الفكري حتي في مجال شاذ كهذا احاجيكم بتلك الحدوتة، سأشرح لكم بإيجاز الخطوات العملية لتدمير اية امة، وبإسقاط بسيط سنتعرف سوياَ علي كثير من الأسباب التي أدت الي ما نحن فيه اليوم، وتلك هي الخطوة الاولي للإصلاح، فلتحتسوا رشفة شاي كبيرة ولتلتقطوا نفساَ عميقاَ ولتعيروني آذانكم قليلاَ.

"انما الأمم الاخلاق ما بقيت" شطرة بيت شعر اصابت كبد الحقيقة، اذا استطعت اسقاط الجانب الأخلاقي في أي مجتمع فقد اجتزت المرحلة الأصعب في سبيل تدميره، بخاصة بين عماد المجتمع وقوته الضاربة الا وهي الشباب، انشر الفساد بين كل طبقات المجتمع من اعلي المسئولين حتي الافراد العاديين، قنن الفساد الأخلاقي بكل صوره واعطه الشرعية لوجوده والأدوات الفعالة لإنتشاره والقوة الكافية لحمايته من اعدائه التقليديين (المصلحين والأخلاق الحميدة)، حينئذ ابارك لك في دق اكبر المسامير في نعش اية مجتمع مهما عظم وتحصن.

"ايكال الامر لغير اهله" ببساطة وضع شخص في منصب ما لا يتناسب او يتوافق معه، وليس شرطا ان يكون الشخص فاسد ولكن الأهم ان يكون غير مناسب لتلك المهمة الموكلة اليه، سواء من ناحية القدرات الفنية او العلمية او المهنية او حتى القدرات الشخصية واية قدرات من أي نوع، ولو جمعت بين ذلك جميعاَ او اغلبه فقد حققت أعظم الإنجاز في افساد المجتمع وتخريب مصالح العباد، اما ان ضممت الي ذلك فساد الشخص أخلاقيا فانت مصنف كمفسد من الطراز الأول وابشرك بجهنم وساءت مصيراَ.

"عليكم بالنساء، فانهن في اية مجتمع اما فاس لزراعته او معول لهدمه"؛ فالمرأة المثقفة المتعلمة الملتزمة اخلاقياَ، وبما حباها الله من قدرات عملية عظيمة خطر عظيم علي اية محاولة لهدم ذلك المجتمع وسداَ منيعاَ ضد أي محاولة لإسقاطه، عليكم بعقولهن فلتجعلوها سطحية هشة (ولا اظنكم ستبذلون مجهوداَ كبيراَ في سبيل فعل ذلك، بل الامر ايسر مما تظنون)، اجعلوا بيوتهن آخر اهتماماتهن، العبوا علي وتر عقدتهن الازلية التي زرعها الرجل فيهن بغباء علي مر الزمن وهي التساوي به، لا تجعلوهن يفهمن المساواة علي حقيقتها، وفي المجمل ابعدوهن بل ونفروهن من تعاليم الإسلام وما فيها من مزايا لهن ان كنتم لإفسادهن تطمحون.

"الترف والاسراف يتبعهم الأيام العجاف" الاستمتاع بما انعم الله علينا أمر مندوه ولا غبار عليه، لكن ما زاد عن حده سينقلب حتماَ الي ضده، وكلما ازدادت تلك الصفة في مجتمع زادت عوامل فساده مثل سطحية التفكير والخمول والبعد عن الفضيلة ... الخ لكل افراده واصبح قنبلة موقوتة تنتظر المحفز المناسب لتحطم كل ما حولها.

النصائح في هذا المجال كثيرة لكني سألخصها في أهمها وهي:

أعطني شعباَ بلا ضمير        اسلمك قطيع من الحمير

ويجعله عامر!

الحدوتة الخامسة عشر .. الحرب القادمة .

الحرب القادمة او الحرب قادمة، كلاهما يصلحان عنواناَ لتلك الحدوتة، بالنسبة لعنوان "الحرب قادمة" هي ليست نبوءة (فلست بمتنبئ) ولكنها توقعات مؤكدة ويقينية بناء علي سيناريوهات مدروسة وشبه معلنة منذ فترة ليست بالقصيرة، وكأننا نساق الي مجزرة تلك الحرب زرافاَ دون وعي منا او إرادة، صدق الثعلب الصهيوني الماكر هنري كيسنجر عراب السياسة الامريكية حين قال "من لا يسمع طبول الحرب فهو اصم" وأقول "ومن لا يري مقدماتها ودلائل حدوثها فهو اعمي البصر والبصيرة".

ليس حديثي الان عن الحرب ذاتها ولكن احاجيكم عن بعض عواقبها وما يجب علينا فعله حيال معالجة تلك التداعيات علي المستويات الفردية والشخصية، اما المسئولية المجتمعية فهي تتعلق بالانظمة الحاكمة وهذا ما لا نملك الحديث بشأنه.

يجب عليك عزيزي القارئ الاهتمام بالتزاماتك الفردية حول نفسك والمحيط الأصغر من حولك، امسك عليك نفسك وليسعك بيتك، اهتم بالتقارب الاسري من حولك فربما كان هو المجتمع الأساسي والوحيد الذي ستعايشه، عالج نقائصك الشخصية وبعدك عن طريق الايمان، اهتم باعداد ابناءك وتربيتهم وتهيئتهم لما هو قادم بتعويدهم علي الجلد وحسن التصرف في المواقف الصعبة، حاول تحسين وضعك المالي والاقتصادي بقدر المستطاع وافضل الطرق الي ذلك العمل اونلاين (ولنا معه وقفة في وقت لاحق).

انتحي بمسكنك واستقرارك الي المناطق المتطرفة البعيدة عن الازدحام واستمتع بحياتك قدر امكانك ولكن في اطار الشرع، حدد اطار علاقاتك الاجتماعية؛ لا اقصد قصرها علي فئة معينة او محددة ولكن لتكن سطحية او قائمة علي التعاون والمنافع فحسب حسب طبيعة مجتمعك الذي تعيش فيه واشكال العلاقات بين افراده، ولتقتصر علاقاتك القوية والحميمية علي مجموعة محددة تشترك معك في صفات عقلية وفكرية وثقافية معينة ولا تشترط ابداَ علاقة الدم في ذلك.

مارس تمارين اليوجا والاسترخاء وارشح لك اليوجا الإسلامية (الصلاة ركعتان ركعتان بخشوع تام وفي جو هادئ ويفضل في الخلاء بعيداَ عن أي ضوضاء او مظاهر تمدن) واستمع الي الموسيقي الهادئة واقرأ كثيراً من القرآن (بالنسبة للمسلمين)، واياك ان تهمل ممارسة الرياضة خاصة المشي.

ابتعد عن الجدال تماما ولتكن نصائحك لمن حولك مقتضبة غير مكررة، ولا تعطي النصيحة الا لمن يطلبها والاولي بها من يلح في ذلك الطلب وكذلك العون والمساعدة، اعمل بكل طاقتك علي تثقيف نفسك فهذا ما سينفعك لاحقاَ وابتعد عن العلوم التي لا تنفعك او حتي التي لن تستخدمها لاحقاَ وان كانت جيدة او التي يمكنك الوصول اليها وقت الحاجة مثل العلوم الفقهية والدينية حيث لن تصل فيها الي المستوي المطلوب الوافي لاصدار فتوي شرعية تحتاجها وبالتالي فدراستها اهدار للوقت والجهد ويمكنك سؤال اهل الفتوي المعتبرين حين يعن لك سؤال منها.

لتكن مستعداَ لتقبل كل ما هو جديد وغريب من حولك، حاول استيعاب المتناقضات التي بدأت تظهر وستزيد بمرور الأيام، ولا تقف كثيراَ عندها، ما ستجهله اليوم ستعلمه غداَ وبالتالي لا داعي لاصدار احكام نهائية عليه في الوقت الحالي، لا تصدق كل ما تراه عيناك او تسمعه اذنيك بخاصة بداية من عام 2021 بل تفكر فيه جيداَ وابصره ببصيرتك قبل بصرك، لا أقول لك انكره او كذبه ولكن لا تضعه كاملاَ في خانة الصدق المسلم به، لا تستمع الي الاعلام المحلي والحكومي منه بالذات باي حال من الأحوال او الاعلام الموجه الذي ترعاه جهات كبري، استمع الي ما يمليه عليك حدسك وقلبك فان انكر شيئاَ فانكره.

لا تستثمر وقتك او جهدك فيما لا يفيد وان كان من اهل بيتك بل وفرهما لمن منهم يستفيد، استعد لمعركة القضاء علي الشر حين تنشب فحتماَ لك دوراَ (ان اردت أنت!)

كن مستعداَ.

 

 

 

 

 

 

 

الحدوتة السادسة عشر .. رسالة الي ابنائي

بعد حمد الله وشكره والصلاة علي نبيه افضل خلقه، أتوجه اليكم ابنائي شباب الامة واملها بتلك الرسالة راجياَ ان تصل لعقولكم كاملة واضحة غير منقوصة ولا مغلوطة، ربما تصلح الرسالة للجميع ولكني اراكم الاولي بها، فجيلي والاجيال التي قبلي اغلبها شب علي معارف وأفكار لا اخالها تتغير، فمن سلك طريقاَ وحفر في ذهنه فكراَ لن يغيره، فان كان خيراَ فخير وان كان غير ذلك فسيشب عليه.

ربما تجدونها اشبه بوصيتي اليكم، هي كذلك. وربما تجدونها جرس انذار وتحذير من قادم الأيام، هي ايضاَ كذلك. ربما لن تستطيعون تفسير بعضها، وقد يكون ذلك لضعف خبرة ستاتيكم مع الوقت لتزيل ما اعتري كلامي من غموض، وقد يكون لأنها استشفاف لقادم الأيام مما لا املك البوح بتفسيره الان حتي لا اوصم بالجنون ويخيب مسعاي في توصيل رسالتي لمن اريد، لكن حتماَ ستفهمونها فيما بعد لأنها ببساطة تفسير ذلك الـ (فيما بعد) وترشدكم الي مخاطره وكيفية التعامل الاسلم معه، فاستميحكم العذر في عدم التعقيب علي ما أقوله لكم، والحق هو في ظني ما أقول والله تعالي اعلم.

هل للكون خالق واحد؟ الا يوجد ارباب اخري لها قوة وسلطان يمكن ان اخشاه؟ فماذا عن الشيطان وما يذكرون عن سلطانه وقوته التي غرته بتحدي خالقه ومخالفة أوامره؟ اوليس اولي بي وانجي ان التزم الحياد في صراعهم الذي لا طاقة لي بالتدخل فيه؟ وماذا عن الفضائيين الذين تصم اخبارهم الاذان وتشغل الاذهان في كل آن؟ كيف ساتعامل معهم وقدراتهم ان كان ذكرهم حقيقي؟ وان كانوا أعوان للشيطان فهل انصاع لهم ام ان خالقي سيحميني منهم؟ وماذا لو صدق من يشككني في اعتقادي وايماني؟ هل الرسل الذين اتبعهم رسل ربي حقاَ ام رسلهم هم؟

وكثير من الأسئلة المشابهة واحياناَ المتشابهة مما يتم اثارته منذ فترة بخاصة في عصرنا الحديث "عصركم يا سادة هذا الزمان وفرسانه".

لنتناول هذا الامر بايجاز منطقي كما يهوي جيلكم ان يفكر.

بداية لنا خالق واحد عظيم القدرة ومسلم بلا محدوديتها، وهو الاقوي بين كل القوي والارباب الأخرى "ان لم يكن الأوحد ولا قوي اخري تنازعه ان اخذنا بفرضية وجود القوي الأخرى"، وعليه فلا حيلة لنا او ملجأ من جهة ولا منجاة او امان لنا من جهة اخري غير الاحتماء به والطاعة له؛ فهو من خلقنا وادري بنا والقادر الوحيد علي حمايتنا ولن تحمينا قوة منه ان غضب علينا، وهو الاولي بالنسبة الينا بالطاعة والحب والاتباع من باب انه موجدنا والمنعم علينا بما نعلم وما لا نعلم وما نشعر به وما لا نشعر به من النعم التي وهبنا إياها، يكفينا انه جعلنا خلفاء له في حكم العالم، فكيف نتبع غيره؟

أما القوي الأخرى بخاصة المعلوم منها واظهرها وهو ابليس اللعين واعوانه فهي في يقيني من خلقه سبحانه وتمردت عليه وستلقي جزاءها الاوفي هي ومن يتبعها من صغار الخلق امثالنا، الدلالة علي ضعفها امام قوة الخالق الأعظم جل وعلا انها تستعين بنا عليه وتحاول تاليبنا علي طاعته وتجعلنا نعصيه كما عصوه ونعاديه مثلهم، لو ان بها قوة يمكن ان تباري قوته – سبحانه وتعالي عما يصفون -  لفرضت امرا واقعا بدلا من ان تستعين بمخلوقات ضعيفة مثلنا لتستقوي بها. فاذا وصلنا الي هذه النتيجة فان المنطق يقول بان نتمسك بطريق الله الواحد الأوحد وهو يعصمنا من بطش واذي ما عداه مما نظنه قوي او خارق، والا سنكون كشاة صغيرة شردت من القطيع في غابة الذئاب!

هل الرسالة المحمدية صحيحة؟ وهل كل ما جاء بالقرآن الكريم صحيح ام به عيوب؟ او جاء منقوص او به جزء مكذوب؟

ابنائي.. هل تعرفون القاعدة الرياضية (أ = ب ، ب = جـ اذن أ = جـ)؟ لنطبقها علي هذه الإشكالية :

محمد (ص) عرف بالصدق والأمانة، محمد (ص) بلغنا بالقرآن الكريم، اذن القرآن الكريم صدق وانه منزل من عند الله تعالي.

القرآن معجز في كل المجالات من جهة ومبلغ به من محمد (ص) المعروف بالصدق والأمانة، القرآن أبلغ عن غيبيات لا يمكننا التثبت منها وربما نحتار في تفسيرها في ضوء المعطيات العلمية الحالية لدينا، علينا الايمان بتلك الغيبيات وان لم نفهمها ونعرف تفسيرها، ونحاول الاجتهاد في تفسيرها في ضوء ما وصلنا اليه من علوم، فان تغيرت المعلومات لدينا فالخطأ في تفسيرنا للآيات وجهلنا وليس فيما بلغت به الآيات.

ان كانت آيات القرن معجزة او تنبئ عن علوم وحقائق مستقبلية نجهلها، فلم لا نكتفي بدراسته باعتباره أساس كل العلوم كما يقال من البعض؟

ابنائي.. القرآن الكريم أتي برسائل معينة ليبلغنا بها علي لسان الصدق محمد (ص)، وأتي بآياته معجزة في بيانها وتراكيبها وما حوته من علوم ومعارف ما زلنا نستكشفها الي اليوم، لكن ذلك لا يعني ان نكتفي به عن سائر العلوم الأخرى، هو من الأهمية بمثابة مفاتيح للعلوم الأخرى لكنه لا يغني عن دراستها وتعلمها، ولم يأتي ليغنينا عنها بدليل طلب الله منا البحث والعلم في كثير من الآيات الحكيمة.

اذا كان السحر هو نوع من العلوم الفوق طبيعية التي تمنحنا المزيد من القوة في مواجهة اعدائنا الغير معروفين لنا وبخاصة الشيطان واعوانه، فلم لا نتعلمه ونستغني به عن سائر العلوم الأخرى؟

أبنائي.. أولا لولا ضرره لما حرم الله علينا ان نتعلمه او نمارسه؛ اذ لم يحرم الله علينا الا ما يضرنا ولا ينفعنا في مجمله، ثانياَ ليس كل ما هو غيبي او ميتافيزيقي هو نوع من السحر، المحرم منه هو كل ما فيه استعانة بقوة غير قوة الله تعالي او نشرك بالله، ليس كل ما نظنه سحراَ هو حرام، فلننتبه!

بماذا تنصحنا ايضاَ؟

اولاَ.. ليس كل ما ستراه عيناك او ستسمعه اذنيك حقيقي، افحص كل ما يعن لك واخضعه لثوابتك فان توافقوا ولو ظاهرياَ فخذ به والا فلتطرحه جانباَ.

ثانياَ.. التزم طريق ومنهج الله فهو الوحيد القادر علي حمايتك لأنه ببساطة (الاقوي).

ثالثاَ.. تسلح بالعلم والايمان والثقة بالنفس؛ فالغلبة لمن يملك المعلومة والايمان طريق النجاح والثقة بالنفس هي العاصم من التخاذل والخسران.

رابعاَ.. تفكر جيداَ في كل ما تقدم عليه ولا تتسرع في اصدار احكام مسبقة، خير لك ان تكون متأخرا في قرار من ان تكون مخطئاَ فيه، فمع الوقت ستعتاد سرعة اتخاذ القرار الصائب.

خامساَ.. استمتع بدنياك قدر استطاعتك ولكن دون ان تخرب آخرتك، خذ من متع الدنيا ما شئت دون ان تفقد جائزة الاخرة، فهي الأكبر والابقي.

سادساَ.. كن قريباَ من اهلك واحبابك منذ الان واحط نفسك بكل من هو شخص جيد وابتعد عن كل ما هو سئ ولو كان اقرب الناس اليك.

سابعاَ.. لا تجادل، فقط انصح، وان كان الامر يخصك فخذه بنفسك ولا تناقش الاغبياء فيما هو يهمك، وتعلم يرحمك الله!

تعليقات

المشاركات الشائعة