الحدوتة السادسة عشر .. رسالة الي ابنائي

 بعد حمد الله وشكره والصلاة علي نبيه افضل خلقه، أتوجه اليكم ابنائي شباب الامة واملها بتلك الرسالة راجياَ ان تصل لعقولكم كاملة واضحة غير منقوصة ولا مغلوطة، ربما تصلح الرسالة للجميع ولكني اراكم الاولي بها، فجيلي والاجيال التي قبلي اغلبها شب علي معارف وأفكار لا اخالها تتغير، فمن سلك طريقاَ وحفر في ذهنه فكراَ لن يغيره، فان كان خيراَ فخير وان كان غير ذلك فسيشب عليه.

ربما تجدونها اشبه بوصيتي اليكم، هي كذلك. وربما تجدونها جرس انذار وتحذير من قادم الأيام، هي ايضاَ كذلك. ربما لن تستطيعون تفسير بعضها، وقد يكون ذلك لضعف خبرة ستاتيكم مع الوقت لتزيل ما اعتري كلامي من غموض، وقد يكون لأنها استشفاف لقادم الأيام مما لا املك البوح بتفسيره الان حتي لا اوصم بالجنون ويخيب مسعاي في توصيل رسالتي لمن اريد، لكن حتماَ ستفهمونها فيما بعد لأنها ببساطة تفسير ذلك الـ (فيما بعد) وترشدكم الي مخاطره وكيفية التعامل الاسلم معه، فاستميحكم العذر في عدم التعقيب علي ما أقوله لكم، والحق هو في ظني ما أقول والله تعالي اعلم.

هل للكون خالق واحد؟ الا يوجد ارباب اخري لها قوة وسلطان يمكن ان اخشاه؟ فماذا عن الشيطان وما يذكرون عن سلطانه وقوته التي غرته بتحدي خالقه ومخالفة أوامره؟ اوليس اولي بي وانجي ان التزم الحياد في صراعهم الذي لا طاقة لي بالتدخل فيه؟ وماذا عن الفضائيين الذين تصم اخبارهم الاذان وتشغل الاذهان في كل آن؟ كيف ساتعامل معهم وقدراتهم ان كان ذكرهم حقيقي؟ وان كانوا أعوان للشيطان فهل انصاع لهم ام ان خالقي سيحميني منهم؟ وماذا لو صدق من يشككني في اعتقادي وايماني؟ هل الرسل الذين اتبعهم رسل ربي حقاَ ام رسلهم هم؟

وكثير من الأسئلة المشابهة واحياناَ المتشابهة مما يتم اثارته منذ فترة بخاصة في عصرنا الحديث "عصركم يا سادة هذا الزمان وفرسانه".

لنتناول هذا الامر بايجاز منطقي كما يهوي جيلكم ان يفكر.

بداية لنا خالق واحد عظيم القدرة ومسلم بلا محدوديتها، وهو الاقوي بين كل القوي والارباب الأخرى "ان لم يكن الأوحد ولا قوي اخري تنازعه ان اخذنا بفرضية وجود القوي الأخرى"، وعليه فلا حيلة لنا او ملجأ من جهة ولا منجاة او امان لنا من جهة اخري غير الاحتماء به والطاعة له؛ فهو من خلقنا وادري بنا والقادر الوحيد علي حمايتنا ولن تحمينا قوة منه ان غضب علينا، وهو الاولي بالنسبة الينا بالطاعة والحب والاتباع من باب انه موجدنا والمنعم علينا بما نعلم وما لا نعلم وما نشعر به وما لا نشعر به من النعم التي وهبنا إياها، يكفينا انه جعلنا خلفاء له في حكم العالم، فكيف نتبع غيره؟

أما القوي الأخرى بخاصة المعلوم منها واظهرها وهو ابليس اللعين واعوانه فهي في يقيني من خلقه سبحانه وتمردت عليه وستلقي جزاءها الاوفي هي ومن يتبعها من صغار الخلق امثالنا، الدلالة علي ضعفها امام قوة الخالق الأعظم جل وعلا انها تستعين بنا عليه وتحاول تاليبنا علي طاعته وتجعلنا نعصيه كما عصوه ونعاديه مثلهم، لو ان بها قوة يمكن ان تباري قوته – سبحانه وتعالي عما يصفون -  لفرضت امرا واقعا بدلا من ان تستعين بمخلوقات ضعيفة مثلنا لتستقوي بها. فاذا وصلنا الي هذه النتيجة فان المنطق يقول بان نتمسك بطريق الله الواحد الأوحد وهو يعصمنا من بطش واذي ما عداه مما نظنه قوي او خارق، والا سنكون كشاة صغيرة شردت من القطيع في غابة الذئاب!

هل الرسالة المحمدية صحيحة؟ وهل كل ما جاء بالقرآن الكريم صحيح ام به عيوب؟ او جاء منقوص او به جزء مكذوب؟

ابنائي.. هل تعرفون القاعدة الرياضية (أ = ب ، ب = جـ اذن أ = جـ)؟ لنطبقها علي هذه الإشكالية :

محمد (ص) عرف بالصدق والأمانة، محمد (ص) بلغنا بالقرآن الكريم، اذن القرآن الكريم صدق وانه منزل من عند الله تعالي.

القرآن معجز في كل المجالات من جهة ومبلغ به من محمد (ص) المعروف بالصدق والأمانة، القرآن أبلغ عن غيبيات لا يمكننا التثبت منها وربما نحتار في تفسيرها في ضوء المعطيات العلمية الحالية لدينا، علينا الايمان بتلك الغيبيات وان لم نفهمها ونعرف تفسيرها، ونحاول الاجتهاد في تفسيرها في ضوء ما وصلنا اليه من علوم، فان تغيرت المعلومات لدينا فالخطأ في تفسيرنا للآيات وجهلنا وليس فيما بلغت به الآيات.

ان كانت آيات القرن معجزة او تنبئ عن علوم وحقائق مستقبلية نجهلها، فلم لا نكتفي بدراسته باعتباره أساس كل العلوم كما يقال من البعض؟

ابنائي.. القرآن الكريم أتي برسائل معينة ليبلغنا بها علي لسان الصدق محمد (ص)، وأتي بآياته معجزة في بيانها وتراكيبها وما حوته من علوم ومعارف ما زلنا نستكشفها الي اليوم، لكن ذلك لا يعني ان نكتفي به عن سائر العلوم الأخرى، هو من الأهمية بمثابة مفاتيح للعلوم الأخرى لكنه لا يغني عن دراستها وتعلمها، ولم يأتي ليغنينا عنها بدليل طلب الله منا البحث والعلم في كثير من الآيات الحكيمة.

اذا كان السحر هو نوع من العلوم الفوق طبيعية التي تمنحنا المزيد من القوة في مواجهة اعدائنا الغير معروفين لنا وبخاصة الشيطان واعوانه، فلم لا نتعلمه ونستغني به عن سائر العلوم الأخرى؟

أبنائي.. أولا لولا ضرره لما حرم الله علينا ان نتعلمه او نمارسه؛ اذ لم يحرم الله علينا الا ما يضرنا ولا ينفعنا في مجمله، ثانياَ ليس كل ما هو غيبي او ميتافيزيقي هو نوع من السحر، المحرم منه هو كل ما فيه استعانة بقوة غير قوة الله تعالي او نشرك بالله، ليس كل ما نظنه سحراَ هو حرام، فلننتبه!

بماذا تنصحنا ايضاَ؟

اولاَ.. ليس كل ما ستراه عيناك او ستسمعه اذنيك حقيقي، افحص كل ما يعن لك واخضعه لثوابتك فان توافقوا ولو ظاهرياَ فخذ به والا فلتطرحه جانباَ.

ثانياَ.. التزم طريق ومنهج الله فهو الوحيد القادر علي حمايتك لأنه ببساطة (الاقوي).

ثالثاَ.. تسلح بالعلم والايمان والثقة بالنفس؛ فالغلبة لمن يملك المعلومة والايمان طريق النجاح والثقة بالنفس هي العاصم من التخاذل والخسران.

رابعاَ.. تفكر جيداَ في كل ما تقدم عليه ولا تتسرع في اصدار احكام مسبقة، خير لك ان تكون متأخرا في قرار من ان تكون مخطئاَ فيه، فمع الوقت ستعتاد سرعة اتخاذ القرار الصائب.

خامساَ.. استمتع بدنياك قدر استطاعتك ولكن دون ان تخرب آخرتك، خذ من متع الدنيا ما شئت دون ان تفقد جائزة الاخرة، فهي الأكبر والابقي.

سادساَ.. كن قريباَ من اهلك واحبابك منذ الان واحط نفسك بكل من هو شخص جيد وابتعد عن كل ما هو سئ ولو كان اقرب الناس اليك.

سابعاَ.. لا تجادل، فقط انصح، وان كان الامر يخصك فخذه بنفسك ولا تناقش الاغبياء فيما هو يهمك، وتعلم يرحمك الله!

تعليقات

المشاركات الشائعة