الحدوتة الخامسة .. اكذوبة اسمها ال البيت

 محبة ال البيت -رضوان الله عليهم- وتبجيلهم تتربع و تتموقع داخل قلوب المسلمين جميعا ولا يختلف علي ذلك اثنان، بل ويعده بعض العلماء من صميم الايمان ولا يكمل الا به. لكن المعضلة الكبرى ظهرت في المبالغة في ذلك التقدير والتبجيل حتي وصل الامر الي حد الشرك بالله والخروج عن الملة، كمثال علي ذلك الشيعة وكثير من الصوفية.

وزاد من خطورة الامر تبني الفكرة احد اذرع الشر في الأرض لتحقيق عدة اهداف خبيثة له لعل اخطرها هو افساد العقيدة من جهة واحداث انقسام عظيم بين صفوف العالم الإسلامي والتي من المفترض ان عريها لا ينفصم واقوي من أي خلاف كما نص الشرع الحنيف، وقد نجحت عصبة الشر في تحقيق كلا الهدفين ايما نجاح.

بداية لنعلم ان مسمي "آل البيت" لا يقتصر علي ال بيت النبوة فحسب بل هو اشمل واعم من التموقع في اطار النسب الشريف فقط، والا لكان يشمل كفار بني هاشم او بني عبد مناف وعلي راسهم سنان الكفر ورمزه ابي لهب عم الرسول –صلوات الله عليه و تسليماته- أو حتي ابي طالب وله ما له من مآثر ومواقف مع الرسول الكريم والدعوة المباركة. هذا من جهة، ومن جهة اخري نجد ان رسولنا المصطفي (ص) قد ضم الي زمرة ال البيت من لا ينتمون الي نسبه الشريف حين قال "سلمان من آل البيت" وهو –أي سيدنا سلمان الفارسي- ابعد ما يكون نسبا وعصبا عن نبينا الكريم. ربما يقصد بمسمي آل البيت (والله اعلي واعلم واترك هذا الامر لأهل الخبرة والعلم ليؤيدوه أو يفندوه) هو البيت الحرام بيت الله العتيق، يستدل علي ذلك من الآية الكريمة "قَالُوا أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ ۖ رَحْمَتُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ ۚ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ "﴿٧٣﴾ سورة هود، حيث يتضح لنا فيها أن ال سيدنا إبراهيم عليه وعلي نبينا السلام ينضوون تحت مفهوم آل البيت.

لا شك ان الفكرة نبعت من محبة رسول الله وآل بيته وخاصته الاطهار، لكنها قد تم استغلالها من عدة اطراف وفي عدة مناسبات وعلي عدة مراحل وبعدة اشكال لتحقيق مآرب تجتمع وتفترق في كثير من النقاط لكنها تتوحد في نتائج موحدة تتلخص في العداء للإسلام ومحاولة القضاء عليه او تقليص دوره علي اقل التقديرات سوءاَ، فقد تم استخدامها مثلاَ للوقيعة بين المسلمين في فتنة عثمان وعلي رضوان الله عليهما، ولكن اظهر استخدام لها واخطره تم في العصور المتاخرة من نشأة حركات سياسية وفكرية تتخذ من تلك الفكرة شعاراَ لاخفاء أهدافها الخبيثة والتستر بها للأنغماس داخل المجتمع الإسلامي واختراقه.

وفي الحقيقة فاني اجد في الحركتين البهائية والشيعية الامامية اظهر مثالين لتلك الحركات الهدامة، وذلك لسببين رئيسيين:

الأول ان تلك الحركات وجدت الدعم اللامحدود من راس الشر في الأرض والمكرسة والممهدة لحكم الشيطان وحليفه الأرضي الدجال للعالم (وأجل رؤوسها واظهرها هي الماسونية)، بل اني اكاد اجزم جزماَ يقينياَ ان كلا الحركتين هما اذرع حقيقية وقوية لقوي الشر تلك؛ تأتمر بأوامرها وتنفذ مخططاتها بين الشعوب كافة والأمة الإسلامية بخاصة، وقد نجحتا في ذلك ايما نجاح مما يعطيهما الأفضلية لديها في التكليف بالادوار الهدامة داخل المجتمعات (بخاصة الإسلامية كما ذكرنا) عن بقية الحركات والتنظيمات الأخرى.

والثاني هو تفوق تلك الحركات علي سائر الحركات الأخرى المرصودة بانها اذرع واضحة وفعالة للشر الشيطاني الأكبر من حيث قوة الانتشار وتكتيكاته من جهة وعوامل التغلغل والتخفي داخل المجتمعات من جهة ثانية.

انني هنا أؤكد مراراَ وتكراراَ علي الفصل بين حركة الشيعة الامامية كتنظيم وبين عموم الشيعة ذوي الاعتقاد الطيب والغيرة الصادقة علي الدين والمحبة الحقيقية الخالصة للنبي الكريم وآل بيته الاطهار، وانني لأجدهم يشبهون في هذا الامر النصاري (مع فارق التشبيه من حيث مضمونه واطرافه) حيث نجد رجال الدين والقائمين عليه في الكنائس في واد وشعب الكنيسة في فكر وواد آخر ولذلك مجال آخر لحديث خاص به. ان اغلب اخوتنا الشيعة يجلون آل البيت الاطهار ويبجلون سادتنا علي بن ابي طالب وابنيه رضي الله عنهم اجمعين وبخاصة الامام الحسين، ولكن لا يرفعونهم لدرجة التقديس والتاليه كما فعل النصاري مع سيدنا عيسي عليه السلام وحوارييه الكرام، والمثير أن منهم من لا يقر سب الصحابة الكرام وعلي راسهم امنا ام المؤمنين سيدتنا عائشة بنت الصديق رضوان الله عليهما وان كانوا يرون افضلية سيدنا علي بن ابي طالب وآل بيته وتقدمهم عليهم، ورغم اني اخالفهم في ذلك لكني لا انتقدهم فيه ولهم رايهم الذي يخضع للجرح والتعديل من قبل المختصين، وعليه لا اعاديهم بسببه. ولكن اعادي من ينتقص ولو الضئيل من قدر وكرامة وشرف احد من آل بيت النبوة وفي القلب منهم امهاتنا زوجاته الاطهار او من صحابته الكرام والذين شهد لهم نبينا الصادق الأمين بانهم خيار امته رضوان الله عليهم اجمعين، وبرغم توجيه الاتهام لهم باستخدام التقية لإخفاء معتقدهم امام الاغيار لكني اجزم يقيناَ برايي هذا وهو ان هناك بون كبير بين عموم اخوتنا الشيعة وقادتهم الدينيين.

وعلي الجانب الاخر أتوجه بالنداء الي الاخوة الشيعة، نداء من صميم قلب محب ومخلص ارجوا ان يصيب أهدافه في القلوب قبل العقول. انها لا تعمي الابصار ولكن تعمي القلوب التي في الصدور، والحق ابلج لا يحتاج الي استبيان معالمه واستجلائه الا الي عقول صافية متحررة من قيود وأفكار مسبقة لا تريد النفوس الحيد عنها، ونفوس تواقة الي الرسو بسفينها علي شاطئ الحقيقة المجردة.

بداية اعرف نفسي واشرف باني (كعموم المسلمين) من اهل السنة والجماعة الملتزمين بالقرآن الكريم وما تواتر من صحيح السنة عن نبينا الكريم وصحابته الكرام شريعة ومنهاجا لا يزاحمها في قلبي او عقلي ما عداها من شرائع وأفكار قد تتعارض معها فارفضها جملة وتفصيلا، ومحبتي وتقديري لآل البيت (كلهم ولا استثني منهم احداَ) نابع من حبي للنبي العظيم بالأساس ثم تقديراً لالتزامهم بالشرع الحنيف والتاسي التام بالرسول الكريم كباقي الصحابة والتابعين رضوان الله عليهم اجمعين، ولا استثني ايضاَ منهم احداَ او ازيد في فضل احدهم علي الآخر الا بقدر عمله وما اختصه به الرسول الكريم من فضل زائد وتمييز عن غيرهم.

وليعلم اخوتنا الشيعة اننا لا نعيب عليهم محبة آل البيت بل نزاحمهم عليها وننافسهم علي الحوض بها يوم اللقاء الأعظم باذن الله، ولكننا لا نغالي فيهم مغالاة الأمم السابقة في انبيائهم وفضلائهم بل ننزلهم فقط منازلهم دون افراط او تفريط. ومن جهة اخري لا نستثني منهم احداَ في محبتنا وتقديرنا؛ فسيدنا علي هو اخ مكافئ في اعتقادنا لسادتنا أبا بكر وعمر وعثمان، وسيدتنا فاطمة الزهراء لها مكانة ومحبة امنا عائشة في قلوبنا رضوان الله عليهم اجمعين، ومن يعاديهم او يخوض فيهم فهو من الد اعدائنا ان لم يكن الدهم اجمعين.

ومن جهة اخري أتوجه اليكم اخوة الإسلام بعلامات استفهام تحتاج لأن تتفكروها ببصائركم وعقولكم وقلوبكم استجلاءاَ للحق وانتصاراَ للحقيقة، وهي لدينا مجاب عنها وجلية لنا، فلتجيب عنها ضمائركم وليكن الحكم لبصائركم.

السؤال الأول – الامامين الحسن والحسين رضي الله عنهما ابني السيدة فاطمة والامام علي رضوان الله عليهما. فلماذا كل التقدير والاهتمام للإمام الحسين دون الامام الحسن؟ هل بسبب زوجة الامام الحسين ابنة يزدجرد كسري فارس الأخير؟ وهل استشهاد الامام الحسين في كربلاء هو من جعل له الأفضلية علي أخيه المساوي والمكافئ له في نسبه الشريف؟ وهل موقف الامام الحسن من خروج أخيه الي العراق ورأيه فيمن خرج معه وادعوا نصرته له دور في الانقلاب علي الامام الحسن وتجاهل فضله ومنزلته ومآثره وتلميع دور أخيه عنه في مقابل ذلك؟

اما كان اجدر بذلك التلميع سيدنا الحسن وقد كان صاحب بصيرة وتبصر حين طالب أخيه بعدم الخروج والا يثق بوعود النصرة التي قطعت له وقد صدق حدثه وتوقعه؟ وماذا كانت نتيجة خروج الحسين الا مجزرة ما زالت تدمي قلوب المسلمين جميعاَ حين نتذكرها، وقد استغلها تجار الدين والكائدين له علي مر العصور مبكاة ومظلومية لينالوا بها مآرب خاصة بهم واخطرها الكيد لهذا الدين الحنيف وأهله؟ أما كان يشفع للإمام الحسن ويرجح كفته امام أخيه (بدلاَ من ان يحدث العكس) انه وحد كلمة المسلمين حين تنازل عن الخلافة لمعاوية رضي الله عنه وحقن دماء المسلمين فيما عرف بعام الجماعة، الا تكفي هذه وحدها مأثرة لتجل قدره وترفعه أمام أخيه؟ هل تعلمون ان لهم شقيق ثالث اسمه محسن؟ شقيق من نفس الوالدين ورغم ذلك سقط من الذاكرة لديهم!

الف علامة استفهام تقف أمام هذا السؤال!

السؤال الثاني – لماذا يتم تجاهل الامام عثمان بن عفان وهو زوج ابنتي الرسول الكريم صلوات الله عليه وتسليماته (وليس ابنة واحدة!) ؟ اوليس هو عديل الامام علي؟ وزوجتيه شقيقتا زوجته؟ وابنائه منهم يكافئون الحسن والحسين رضي الله عنهما؟ ام لأنه لم يصاهر العنصر الفارسي؟ ولم يتم استخدام اغتياله دعائياَ كما تم استخدام اغتيال الامام علي وابنه الامام الحسين وقد كانا يدافعان عنه ويفتديانه بنفسيهما (أي الامام علي والامام الحسين ومعهم ايضاَ الامام الحسن!) مما يرجح عدالة موقفه أي الامام عثمان وفضله ومكانته؟ ولماذا تم تجاهل أبناء الفرع العباسي من ترتيب الامامة وجدهم عم الرسول عصباَ واخوة سيدنا علي وعصبته؟ بل وقد تم تجاهل بعض احفاد الامام علي من أبناء الحسنين من الترشيح للإمامة وكأنه يتم انتقاء الامام حسب الاهواء؟!

السؤال الثالث – اين بقية أبناء الامام علي ممن يشهد لهم بالفضل والعلم والمكانة من فكر الامامية الاثني عشرية كمثال علي ذلك الامام محمد بن الحنيفية وغيره؟ وما راي الامامية الاثني عشرية فيمن اتهم بالفسق وانتهاك حرمات الله ممن ينتسبون للإمام علي والحسنين رضي الله عنهم اجمعين؟

العديد من الأسئلة المشابهة تبحث عن إجابات في البابكم اخوة الإسلام المتسمين بالشيعة، ولكن لها إجابة شافية لدي عموم المسلمين من اهل السنة والجماعة:

كل اتباع البيت العتيق وربه ومن يلتزمون بشرعه ومنهاج نبيه من آل البيت ولو كان عبداَ حبشياَ.

وليس منهم من خرج عن شرع الله ولو كان شريفاَ قرشياَ او حتي شقيق القاسم او علياَ.

والله تعالي اعلي وأعلم.

تعليقات

المشاركات الشائعة