الحدوتة الرابعة .. مفاهيم محتاجة تفهيم

 احبابي في الله سلام الله عليكم

حدوته اليوم عن عدد من المصطلحات التي يتم تداولها بيننا دون وعي كامل بما تعنيه ، وربما حرفنا تلك المعاني عن مقاصدها بشكل يؤدي أحيانا الي معني معاكس تماما .

علي رأي استاذي عبودة – يلا بينا

الوطن

مجرد سماع تلك الكلمة يتبادر الي ذهنك كل الأغاني الوطنية علي مر تاريخ الإذاعة والتلفاز ويتصور في ذهنك العلم الجميل وهو يتهادى في الهواء ... الخ تلك الاحاسيس المختلفة.

كلا يا سادة

لن يكون احساسك بوطنك صادقا ما لم تشعر فيه بالأمان ، مالم تشعر فيه بالسكينة وانت في اتون المعارك ، ما لم تشعر فيه بالسعادة وانت في قمة حزنك وغضبك وبؤسك ، سيكون ملاذك عندما تضيق بك السبل ، سيكون بيتك حينما يطردك الجميع ، سيكون سلواك حين يجفوك العالم باسره ، الوطن ليس ارضا ولدت او عشت فيها واهلا ترعرعت بينهم ، الوطن عديد من المعاني المتقاربة والمتكاملة لتكون في النهاية (وطن)

ربما يكون وطنك في ابعد مكان يتخيله عقلك ، وربما تشعر بالغربة الجارفة وانت بين اهلك ، فلننزع عن مخيلتنا المخدوعة الحدود الجغرافية والسياسية المصطنعة والتي اوهمونا بانها وطننا ، امتنا الإسلامية تمتد بكل افاق العالم وانا اعتبر كل شبر يسكنه احبابي واخواني واصدقائي هو وطن لي ، سأتعصب للمظلوم ولو كان خصما لي ، ولن اقف بجانب ظالم ولو كان يسكن منزل ابي .

ربما تحب ان تقصر اهتمامك علي محافظتك مثلا او حتي قريتك او مربعك السكني الذي تسكنه، هنا فقط يكون وطنك ، وحين تجد الاهتمام لديك لتفرح وتحزن لفرح او كره مساحة اكبر حينها ستكون وطنك الجديد ، قناعاتي الخاصة ان حدود وطني هي كل بلاد المسلمين الموحدين ، وانما مصر والمنطقة العربية جزء منها ، وأوروبا جزء منها والامريكتين جزء منها ، وسيبريا جزء منها ، بل والمريخ أيضا سيكون جزء من وطني ان سكنه احبابي واخوتي واصدقائي المحببين لنفسي

هذا هو الوطن يا سادة ، وهذه في رايي الوطنية

الأخوة

بضم الخاء وتشديد وفتح الواو، تعني في معانيها الكثير، لكن نجد البعض يختذلها في اطر ضيقة، وان كانت صحيحة لكنها لا تعبر عن مدلولها الحقيقي، الاخوة قد تعني رابطة الدم حقا لكنها ليست فحسب، وقد تعني اخوة الهدف والمبادئ، ولكن لا يكفي المعني أيضا !

الاخوة يمكن ان نجمل معني شامل لها بانها رابطة عصماء شديدة المتانة تربط فردين او اكثر من المخلوقات يتقاطعون في دائرة من الدوائر وتقارب بينهما وتجعل التضحية والايثار هي ديدنهما بينهم بعضهم البعض اكثر ممن هم خارج دائرتهم ، سم هذه الدائرة ما شئت واطلق لخيالك العنان في تعديد اشكالها : اخوة الدم ، اخوة العرق ، اخوة الدين ، اخوة الوطن ، اخوة الأهداف ، اخوة السلاح الحرب ، اخوة الجهاد ، اخوة المنطق والتفكير ، اخوة المبادئ ، اخوة الأهداف والاحلام ، اخوة الفساد والانحراف (العجيب في هذا الشكل من الاخوة برغم انهم يجتمعون في دائرة واهية وضارة لهم لكنهم يرتبطون بينهم برباط قوي عجيب – سبحان فاطر القلوب) .... الخ ما يتسع خيالك وفكرك لتسمية وتذكر اشكال لتلك الرابطة.

فالأفضل لنا الا نقارن بين احداها والأخرى ؛ فلكل من تلك الصور من الاخوة خصوصياتها وحجمها ومتانتها وظروفها ، ومن الظلم والبين ان نعقد المقارنات بينها ، لا مجال .

مات الكلام .. وعليكم السلام

الجهاد

ياله من معني كبير وفضفاض ، يشمل الكثير والكثير من المفاهيم والمثل والقيم العالية ، يشمل الكثير والكثير من الرموز والاعمال الجلل ، في معناه المباشر هو دفع لشيء ومقاومته بهدف تغييره او تدميره ، وهو مثل كثير من المصطلحات ؛ له الكثير من الصور والمعاني التي تشكل كل منها موضوعا قائما بذاته ، هذا من جهة ، ومن جهة اخري نجده قد أصابه أيضا التحريف و الزيف أحيانا واضحي في كثير من صوره لا يعبر عن مضمونه الحقيقي .

عملك أيها الاب لأجل بيتك وخدمتك ورعايتك له جهاد ، تفانيكي ايتها الام لراحة اهلك واولادك جهاد ، ولكليكما الاجر الذي ستحوذانه في الدنيا والاخرة ، تفانيك أيها المعلم لبناء وصناعة جيل قوي يتحمل صعاب الحياة ويقوم بمسؤولياته خير قيام جهاد ، دعوتك إيها الامام او الداعية او كما يحلو لنا بتسميتك "شيخ" وما تلاقيه في سبيلها وفي الزود عنها جهاد ، انت أيها المقاتل والذي اقتنصت لصورتك وحدك المعني المباشر للجهاد لن تسمي مجاهدا مالم يكن لك هدف نبيل وسامي ومحدد الملامح من قتالك تبذل فيه الغالي والنفيس ، انت بدون ذلك مجرد احد الاشاوس المغاوير المهووسين بالدم وازهاق الأرواح ، وان لم تتحلي بآداب الحرب والقتال وتدرس ادبياتها التي تضبط سلوكياتك اثنائها فلست بأكثر من مجرم آبق من العدالة ، وربما ستكون اكثر المطلوبين للعدالة إجراما !

الجهاد في سبيل الله يا سادة ليس في سلاح وترس فحسب ، الجهاد الحق يكون بمحاولة تغيير واقع فاسد ومؤلم لصالح من نحب ، ويجب ان نبدأه بالسلم لا بالعنف ، يجب ان نبدأه بالعقل والحكمة والموعظة الحسنة قبل ازهاق الأرواح وقتل النفس (أي نفس – كلها انفس متساوية) ، الجهاد تضحية وايثار ، الجهاد حماية لمن تجاهد فيه وخوف عليه لا حرص علي ايلامه ، الجهاد في سبيل الله طاعة الله في رعاية عباده .

لتعلموا يا سادة ان الفكر لا يحارب الا بفكر ؛ رب كلمة في لحظة عابرة أوقع من الف رصاصة والتاريخ حافل بأمثلة من هذا القبيل ، قناعتي بان الحرب في الإسلام ما شرعت الا دفاع عن حرية الاعتقاد ودرء الشر عن المجتمعات الامنة ، لم تفرض لنشر الدين ابدا ، بل للزود عنه وحمايته ، لو ترك الكفار الرسول (ص) في مكة لدعوته وخلوا بينه وبين الناس لما احتاج الرسول الي النزوح الي المدينة و أصحابه ولما قامت في المدينة دولة ولما كانت الغزوات وما تلاها من فتوحات ، لتعلم أيها المسلم (وليعلم من جهة اخري غير المسلم – ليتبين حقيقة الامر بدون ان يغرر به مغرر) ان حدود تكليفك بعد الايمان بدعوة محمد (ص) ان تلتزم بها أولا ثم تعمل علي نشرها بكل ما اوتيت من قوة وامكانيات ثم عليك حمل سلاحك وتقديم نفسك ذكية طاهرة لله تعالي في سبيل الزود عن تلك الدعوة او حمايتها وحماية معتنقيها وحماية كل مظلوم أيا كان دينه او عرقه او لونه او ثقافته ، انت سيد هذا العالم بما شرفك الله به من حمل اعظم واخر رسالاته الي اهل الكون كله ، سيادتك لهذا العالم ليست تشريف لك بقدر ما هي تكليف ومسئوليات تجاه راحته وسعادته ولو علي حساب راحتك وسعادتك ، بقدر حبك لهذا العالم يكون تفانيك لخدمته والزود عنه ضد الشيطان واعوانه وكل من يحاول افساد حياته ، وبقدر ادائك للتكليف يكون مقامك في التشريف .

بس كفاية كده

الحرية

اكثر من يستهلكونها هم المتشدقين بها ؛ حيث يتخذونها شعارا لا تطبيق له علي ارض الواقع، ويدعون فهمها وهم عنها ابعد.

ماذا تعني الحرية؟ هي التحرر من كل ما يكبل قرارك وحلمك، هي التحرر من كل ما يخيفك، هي التحرر من كل ما يخنق طموحك ورؤيتك لمستقبلك.

دع ما يريبك الي ما لا يريبك حرية، الصدقة والإحسان حرية، الزود عما تملك أيا كان وباي صورة حرية، التخلص من عبودية اهوائك ونزواتك حرية، تقييد نفسك بنفسك بثوابت ومبادئ تسير برضاك علي هداها وخطاها وتلزم ذاتك وجوارحك بما لا يحيد عنها لهو في رأيي "المعني الحقيقي للحرية".

ما جدوى ان تتشدق بما لا تملكه؟ ما معني ان تتلقب بالحر وانت عبد لشهواتك ونزواتك؟ هل غدوت حرا حين فعلت ما هو غير مألوف أو مخالف لمن حولك؟ أم صرت خانعا لرغبة يأبى أن يخضع لها طفل اهوج او عديم عقل اخرق؟ هل صارت المخالفة لكل ما هو ثابت وراسخ من قيم مجتمعاتنا ديناً وديدنا لكل من يريد ان يعتمد ويوثق صك حريته ؟!

كلا يا سادة ..

الحرية ان تعيش حرا لا ان تخالف لكي تعرف، تحترم ما ارتضيته متوافقا مع حياتك ومبادئك وتحاول تغييره ان تعارض معها، تحيي الشعار لغيرك قبل ان ترتضيه لنفسك، الحرية هي ما نادي به لسانك وصدقه ووافقه عملك، لك ان تعيش كما ترغب ولكن لغيرك نفس الحق، وكل الفروسية والفداء في ان تحفظ للغير ذلك الحق قبل ان تطلبه لنفسك.

ليت الرسالة تكون قد وصلت.

السعادة

هي ذلك المفهوم الذي لا استطيع الكتابة عنه لانني ببساطة لا اشعر به وكأنه لا يعرفني ولا انتمي اليه ، وفاقد الشئ بالطبع لا يستطيع منحه .

فخبروني انتم ، ما مفهومكم للسعادة ؟ بدون تكلف او تنظير لو سمحتم !

تعليقات

المشاركات الشائعة