الحدوتة العاشرة .. عندما يحيض الرجال!

 معلوم ان الاصابة بديدان البلهارسيا يؤدي الي نزيف بالامعاء يخرج من دبر الانسان (اعزكم الله)، وكان القدماء يطلقون علي ذلك النزيف المرضي "حيض الرجال" حيث كانوا يعتقدون انه يشبه اعراض الحيض الذي يعتري النساء فيما يعرف بالـ "عادة الشهرية". لكن ما اقصده هنا بـ "حيض الرجال" هو اندثار الرجولة والنخوة والشهامة فيهم ، واضحت صفات قليل من يتصف بها من بيننا حيث اصبحت الاستثنناء في الاجيال الحديثة منها في مقابل صفات التخنث والانانية والانتهازية (ولا اريد ان اقول والانحلال الخلقي لكي لا يغضب مني البعض) بحيث اصبحت تلك الصفات الحميدة الفاضلة من الماضي غير الموروث، واضحي من يتصف بها حالياً يوسم بالغفلة والسذاجة وصار مثاراً للتجهيل والسخرية وكأنه من كوكب آخر.

لا شك عندي ان انسلاخنا من تقاليدنا واعرافنا واخلاقنا التي حفرت مكانتنا بين الشعوب قديما يسير وفق منهج ومخطط مدروس ضمن اطار حرب فكرية وثقافية ضروس تتعرض لها المنطقة العربية باكملها منذ عشرات السنين ولن اتجاوز كبد الحقيقة ان قلت بل مئات السنين، ولكنها اخذت الشكل التنظيمي الفعال والناجع منذ بدايات القرن التاسع عشر فيما عرف بعصر "النهضة العربية" او لنكن محددين اكثر منذ قدوم الحملة الماسونية، اقصد الحملة الفرنسية علي الشرق مطلع القرن التاسع عشر، هي لم تكن غزو سياسي بهدف الاستعمار ونهب ثروات الشعوب بقدر ما كانت وسيلة لغزو ثقافي وفكري شرس ومكثف يهدف الي تدمير ركيزة القوة من الموروث الثقافي والفكري والعقدي التي يستند عليها شعوبنا العربية والاسلامية في مقاومة كل محاولات الغزو والاستعمار.

لقد نجح ذلك الغزو البشع فيما لم ينجح فيه الغزو الفكري والسياسي في تخريب موروثنا الاخلاقي الذي كان يحفر لنا مكانتنا وتقديرنا بين الشعوب ويجعلنا مصدر ثقتهم واحترامهم لفكرنا فاضحينا في اعينهم جماعات من الهمج والمتخلفين حضاريا ضعاف العقول ضحال الفكر والعلم، لا مبادئ لنا ولا قيم نتمسك بها عدا القليل الذي نتشدق به ولا نؤديه، بعد ان كنا لديهم معلمين وهادين وقادة حكماء يرون فينا املاً في نهضة وحياة افضل.

كذلك نجح ذلك الغزو في تدمير موروثاتنا الثقافية والاجتماعية والتي كانت تكسبنا القوة والقدرة علي المقاومة والتطور وفهم الواقع من حولنا؛ فاضحت الرجولة والفتوة غلظة وجلافة، والتخنث والميوعة تمدن ورقي، وصارت العفة والحشمة لدي النساء رجعية وبدائية والعري والفجور تحضر وانفتاح، استبدلت الامانة والثبات علي المبدأ بالتلون والانتهازية، والصدق بالكذب، والوفاء بالخيانة الي اخر تلك المتناقضات، وكأننا نقف أمام مرآة نري فيها انفسنا معكوسين !

انني لا اوجه لومي وسهامي بالاساس الي تلك الشعوب التي تصدر لنا ذلك التخريب بل وتحاول ان تفرضه علينا فرضاً بحجة تطويرنا ومساعدتنا بكافة اشكال القهر والظلم، فأنا اعلم يقيناً ان تلك الشعوب هي ضحية تخريب مثلنا من قوي الشر الماسونية، وقد سبقتنا الي الانحراف والانهيار، وتستخدم حالياً كمعاول وادوات هدم لحضارتنا وقيمنا باعتبارها المدافع المتبقي عن القيم والمبادئ الانسانية التي تحاول قوي الشر حالياً تدميرها وتجد فينا اقوي اعدائها وعلي راس مقاوميها وفاضحيها.

الا ان ذلك لا ينفي واقعاً مريراً وهو ان تلك الشعوب بثقافاتهم الضالة المضللة هي العدو الظاهر، وعلينا ان نسير علي درب مقاومتهم في اتجاهين رئيسيين:

الاول هو رفض كل اشكال القهر الفكري والتغريب الثقافي الذي يحاولون فرضه علينا واجبارنا عليه، والطرق كلها مفتوحة امامنا لنسلكها في سبيل هذا الجهاد المقدس.

والثاني هو محاولة انقاذ تلك الشعوب ذاتها من ذلك الدمار الفكري والثقافي ولكي لا يكونوا العوبة في يد تلك القوي الظلامية من جهة او يكونوا معاولهم لهدم صروح المبادئ والقيم الحضارية الموروثة لدينا والتي هي الضمان الوحيد لمقاومة ذلك الغزو الغاشم.

لتسد من جديد بيننا (ثم بينهم لاحقاً) مفاهيم الجهاد بمعناه الشامل والواضح، وقيم العدل والمساواة والاخلاقيات والمثل التي كانت مصدر سيادتنا وتميزنا بل وقوتنا سابقا، ولتقم الشعوب ذاتها علي امر تنفيذ ذلك الامر العظيم من خلال تجمعات العمل الاجتماعي والتطوعي ايا كان شكلها وتنظيمها، ولا تركن الشعوب الي قيام حكوماتهم بتنفيذ تلك الامور لأنهم بشكل ما لن يستطيعوا او حتي يريدوا – وكل لبيب بالاشارة يفهم!

يا سادة..

لن يتم الامر الا ببناء الاساس الاول للمجتمع الا وهو الاسرة، وهذا بدوره لن يتم الا اذا توسد كل فرد فيه او لنقل كل ركن فيه الدور المنوط به سواء اصادف ذلك هواه ام خالفه، فالمرأة دورها بناء المنزل واقامة وتثبيت دعائمه وبنيانه ليفرخ صانعي النهضة للأمة، ولتتخلص من عقدة تقليد الرجل ومحاولة الاستحواذ علي دوره وصورته المجتمعية ظناً منها انها مصدر السيادة والقوة لها، وعلي الرجل بالمقابل ان يتخلي عن فهمه الخاطئ للقوامة وانها استعباد وامتلاك لكل ما حوته جدران بيته، فهو ان اراد كبد الحقيقة فدوره لا يعدوا كونه خادما لأهل بيته، وربما كان فهمه الخاطئ للقوامة هذا سبباً مباشراً في انحراف فكر المرأة وسعيها لإستعادة حقوقها التي سلبها اياها الرجل في مجتمعاتنا الذكورية بشكل سئ اضر بكافة اطياف المجتمع وبدورها المنوط اليها من خلاله.

 يا سادة..

ليعلم الجميع انه لا قيادة للنساء - الا اذا حاض الرجال .

تعليقات

المشاركات الشائعة