الحدوتة الثانية .. الإسلام دين الإرهاب – لماذا ؟

 يوصم الإسلام بالإرهاب والتطرف في هوجة عدائية غير عقلانية تجتاح العالم اجمع عبر ابواق إعلامية وسياسية تتحد في مصدرها الذي يغذيها وتتحد أيضا في الهدف من حيث تشويه صورة ومضمون دين سماوي حنيف يقر مبادئ العدل والسلام، واللذان َ يشكلان خطراَ فادحاَ علي مصالح تلك الابواق التي تقتات وتنمو علي إقامة العداء وزرع الفتن بين الشعوب والجماعات.

معلوم للجميع ان تعريف مصطلح الإرهاب او مفهوم الإرهاب غير متفق عليه او غير محدد حتي الان؛ حيث نجد كل طرف في أي صراع يعطي له تفسيرات ومعان تتفق مع مصالحه واهوائه او بما لا يتعارض مع أي منهما، مما جعل تعريفات ذلك المصطلح تتعدد وتختلف وتتناقض في كثير من الأحيان، ففي حين تعتبر ممارسات حركات التحرر الوطني حقاَ اصيلا للشعوب المقهورة والمحتلة يعدها خصومها إرهابا وتطرفاَ وتوضع في خانة الجماعات والمنظمات الإرهابية، وعلي الرغم من ان دفاع الفرد عن نفسه وممتلكاته وحريته حق مشروع بل وواجب مندوه يلام علي عدم فعله يعده البعض عنفاَ يجافي السلم العام وعملاَ من اعمال الإرهاب!

يمكننا القول - وفي رايي – ان الإرهاب هو محاولة الاستيلاء بالقوة من جهة فردا كانت او جماعة علي ممتلكات تخص جهة اخري فرداَ كانت او جماعة، بغض النظر عن احقية أيا منهما فيها، فذلك امر نسبي ويخضع للدراسة ويحل بالتفاوض، وعلي صاحب الحق أو المطالب به ان يستنفذ اولاَ كل السبل السلمية والتفاوضية للوصول الي الحقيقة واسترجاع الحقوق او حتي الي حلول متقاربة معها فهذا في رايي اسلم وافضل من الإصرار علي استعادة ما سلب حرفياَ دون مراعاة الابعاد المستحدثة واقعياَ سواء مادية او أدبية.

في ضوء ذلك التفسير لمصطلح الإرهاب نعيد طرح تساؤلنا السابق – هل الإسلام دين إرهاب؟

لنفهم اولاَ مبادئ الحرب في الإسلام.

اشعل المسلمين الحروب مع جيرانهم منذ بداية العهد الأول للإسلام رافعين راية التوحيد ومبدأ اخراج "العباد من عبادة العباد الي عبادة رب العباد"، ولنا ان نوضح هنا باختصار عدد من الإشكاليات المتعلقة بذلك الامر:

اولاَ.. لم يشعل المسلمون الحروب مع جيرانهم او يبادئوهم بها، بل كانت في بدايتها رد اعتداء او صد اعتداء من هؤلاء الجيران، ثم رفعت شعار تحرير تلك الشعوب من الاسترقاق الفكري والعقدي قبل الاسترقاق البدني والجسدي، فلم يكن شن تلك الحروب لتوسعات امبريالية؛ حيث كان يقر أهل تلك البلاد المفتوحة علي انظمتهم السياسية والاجتماعية مالم تمس المبادئ التي سعي الإسلام لإقرارها ونشرها؛ فلتلك الشعوب حرية الاعتقاد والفكر الخاص بهم مالم تمس حرية الاعتقاد لدي الاخرين، وعلي جانب آخر منع العمل بالانظمة والمعاملات الربوية لم لها من اخطار علي الاقتصاد وسرقة أموال الشعوب لصالح طغمة قليلة فاسدة، وهكذا.

ثانياَ.. متفق عليه كمبدأ في الحرب انه "يقسو علي نفسه كل من يرحم عدوه"، الا ان ذلك المبدأ معطل في الحروب الإسلامية؛ فمبدأ الرحمة والتسامح اصيل يطبقه المسلمون مع اعتي اعدائهم واشدهم قسوة عليهم ان جنح للسلم ولجأ اليه ولو ظاهرياَ، وفي الحرب لا يقاتل الا فئة المحاربين حاملي السلاح علانية في وجه المسلمين، ومع ذلك يتحلي المسلمون بصفات الرحمة والرفق حتي اثناء القتال؛ فلا يقاتل جريح ولا يهان اسير، ولا يذل مصالح او مستسلم بل يعامل بمنتهي الندية والمساواة مع غيره من المسلمين ويقر علي ما هو عليه من مال وسلطان ما لم ينكث العهد ويخونه.

ثالثاَ.. يقر الإسلام عدة مبادئ للحرب لا يجيز الحيد عنها تحت أي ظرف من الظروف والامثلة علي ذلك من التاريخ كثيرة، نذكر منها:

- لا تكون الحرب مشروعة في الإسلام الا ان كانت دفاعاَ عن حق او نصرة لمظلوم او صد اعتداء، ولم تشن ابداَ لنشر الدعوة، بل ان الأصل في نشر الدعوة هو السلم والقول الحسن، وانما يتم ذلك حين يتم عرقلة ذك النشر او مقاومته بالقوة واجبار الشعوب علي تركها.

- يتم طرح الحلول السلمية واللجوء اليها اولاَ بل والالحاح فيها ولا يتم اللجوء للقتال الا حين استنفاذها جميعاَ، بشرط الا تتعارض تلك الحلول مع مبدأ نشر الدعوة من جهة واعلاء مبدأ حرية الفكر والاعتقاد لدي الشعوب وتأمين ذلك.

- لا يتم التعرض باي اذي اثناء الحرب الا لمن حمل السلاح وأصر على القتال، ولا يتم التعرض للممتلكات أيا كانت ولمن كانت، بل وحتي يمنع تلويث البيئة او الاضرار بها او التعرض باذي لحيوان او نبات، بما لا نجده حتي اليوم في ارقي الليبراليات والديموقراطيات مدعية التحضر والمدنية والرقي.

- إشكالية فرض الجزية علي غير المسلمين تتمثل في اعتبارها مقابلاَ للمحاربين للدفاع عن غير المسلمين وهي في كل الأحوال ضئيلة للغاية ويعفي منها غير القادرين من الأطفال والشيوخ والنساء وسائر العاجزين عن الكسب، وربما يجدها غير المسلمين فرصة عظيمة لتنمية مواردهم ومدخراتهم طالما وجدوا من يدفع عنهم الاذي أينما كان وكيفما كان ووقتما كان.

والآن عزيزي القارئ اجب في نفسك عن السؤال؛ هل الإسلام دين إرهاب او حتي يرمي اليه بابسط الصور والاشكال؟

دعني اجيبك انا قارئي الكريم، نعم انه يوجد إرهاب في الإسلام!

لا تستغرب؛ فمبدأ الخنوع والسلمية المطلقة غير موجود فيه، بل السلام المنطلق من القوة التي تحميه بل وتفرضه علي كل جبروت غاشم، بقدر ما هو رحيم بخصومه وشريفاَ في حربهم واميناَ في عهوده معهم فهو شديد جداَ علي المحاربين والمصرين علي عداوته منهم، فلن يدير المسلم خده الآخر لمن يلطمه بل سيكيل له اللطم ان لم يتراجع عن غيه، بل ولن يعفو عنه الا ان ملك هو العفو من جهة واقر عدوه بذنبه وتاب عنه واناب، ولكي يتمكن من ذلك عليه دائما ان يأخذ باسباب القوة ويتذرع بها، ولكنها القوة التي تحمي الضعيف وتكسر المتجبر، القوة التي تقيه الظلم لا ان تعينه عليه، وبالتالي فهو يحض علي إرهاب العدو الظالم ليأمن الضعفاء والمظلومين شره، انه يمكننا اعتبار المسلمين بناء علي مبادئ عقيدتهم بمثابة الشرطي المتطوع لإقرار السلام والامن في ربوع الأرض.

إن مجرد عقد مقارنة بين آثار الحروب التي شنها المسلمون علي مدار تاريخهم وبين الاجرام الذي اقترفه اعدائهم من حيث الكيفية والنتائج وعلي مر التاريخ بدءاَ من الحروب الصليبية وموجات الغزو المغولي وانتهاء بالحروب الاستعمارية والابادات في العصور الحديثة والمتأخرة ستدلكم علي الإرهاب الحقيقي وستفضح ادعاءات من ينعت الإسلام بالإرهاب وستكشف دوافعه الحقيقية من وراء تلك الأكاذيب المضللة.

ولنجيبهم – أي إرهاب في الإسلام ؟!

تعليقات

المشاركات الشائعة